ابن سلمان يتبع أسلوب روسيا وجورجيا
خاص سياسي - جهاد السقا
تناولت الأخبار منذ فترة وجيزة حملة اعتقالات في المملكة السعودية قامت فيها الشرطة بالقبض على عدد من مليارديرات العائلة الملكية بتهم الفساد. ثم قيل بعد ذلك أن الحكومة عرضت على هؤلاء منحهم حريتهم مقابل التنازل عن جزء من ثرواتهم للدولة.
وهذا النظام تم تطبيقه من قبل في الدول التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي وخاصة في جورجيا خلال فترة رئاسة ميخائيل ساكاشيفلي وروسيا برئاسة بوتن.
قد يكون لتلك الخطوة تأثيرا إيجابيا لتوفير موارد للحكومة ولكنها تسبب الرعب للمستثمرين وتجعلهم يفرون من هذا المناخ الاقتصادي المزعزع.
في نهاية 2015 عانت السعودية من نقص في الميزانية يقدر بحوالي 96.5 مليار دولار (بحسب سعر العملة الحالي) وبالمثل عانت العام الماضي من نقص يقدر ب 83 مليار دولار بسبب انخفاض سعر النفط وحربها للحفاظ على نصيبها في سوق النفط الأمريكي. ولهذا عمل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على خفض الإنتاج بشكل كبير والآن يبدوا انه يتبع أسلوبا آخر لسد هذا العجز وهو الحصول على الدعم المالي من أثرياء الدولة فهو يسعى للحصول على ما لا يقل عن 100 مليار دولار من تلك الاتفاقيات. وقد تناولت الأخبار خبر اعتقال نخبة من أثرياء المملكة وقيل أنهم ليستعيدوا حريتهم مرة أخرى عليهم التنازل عن 70 بالمائة من ثروتهم.
قد طبق ميخائيل سكاشيفيلي رئيس جورجيا السابق تلك الاستراتيجية فهو قد تولى الرئاسة في 2004 عندما كانت البلاد تعاني من الإفلاس ولهذا قرر محاربة الفساد بهذا الشكل. ولأنه لم يكن يتمتع بسلطات الملك المطلقة فقد عمل على تغيير القوانين للسماح بالمذنبين بدفع أموالا طائلة للحصول على العفو وبحلول 2011 أصبحت 80 بالمائة من القضايا في جورجيا تحل بهذا الشكل. فقد أعلنت الحكومة الجورجية انها استطاعت الحصول على 112.7 مليون لاري أي ما يساوي 63 مليون دولار في عام 2010 بسبب تلك الصفقات مع المذنبين. مما غطى 2 بالمائة من نفقات الحكومة في هذا العام.
وقد لاقت تلك السياسة قبول المراقبين الدوليين ووصفوها بانها خطة ممتازة للقضاء على الفساد والجريمة المنظمة.
وكالعادة استطاع البعض إساءة استخدام هذا النظام. فقد صرح المعارضين وقتها أن عملية مصادرة المبالغ تتم في صالح الرئيس وأقاربه وقيل أن المسؤولين حصلوا على العديد من الرشاوي في مقابل تقليل المبالغ التي يفرضوها على المذنبين. كما قيل إنه في عام 2012 بعد تكوين حكومة جديدة تقدم الآلاف من المواطنين لمكتب المدعي العام ببلاغات تفيد بانهم تعرضوا للضغط من الحكومة السابقة للتفاوض بشأن ثرواتهم.
وفي روسيا خلال فترة رئاسة بوتن الأولي طبق الرئيس نفس السياسة ضد اثنين من أهم رجال الأعمال في البلاد وهم ميخائيل خودوكوفسكي المالك لمؤسسات بترولية عديدة و فلاديمير جوسينكس صاحب أكبر كيان للإعلام في روسيا وصادر ممتلكاتهم لصالح الحكومة. واستطاع بوتن حينها استغلا القوانين لصالحه في هذا الشأن.
وبالمثل في السعودية قد تلاقي تلك الاستراتيجية ترحيبا في البداية ولكن لذلك تأثير سلبي للغاية على المناخ الاقتصادي لأنه يسبب الخوف للمستثمرين لأنها تدل على ضعف النظام المؤسسي في البلاد وعدم الوثوق في الضمانات التي تقدمها الحكومة.