فرص نجاح منظمة التجارة العالمية .. وتعنت الولايات المتحدة

من الصعب في الوقت الحالي الإشارة إلى أهمية دور منظمة التجارة العالمية فقد انشغلت المنظمة بالعديد من المفاوضات التي دامت لسنوات عديدة بدون أن تحقق أهدافها فيبدوا أنها لم تعد تجدي نفعًا. 


حتى أن أخر مؤتمر للمنظمة الذي أقيم في بيونس آيرس وحضره وزراء التجارة لعدد من الدول باء بالفشل.

 قد يوحي ذلك بأن منظمة التجارة العالمية لم يعد لها فائدة حقيقية.

ولكن هل تلك هي الحقيقة؟
الإجابة على هذا السؤال لها جوانب عدة ولكن جميع تلك الجوانب تتمحور حول التجارة الحرة. فهي كلمة السر للفترة القادمة. فنظام التجارة الحرة يعد من أقوى مسببات الازدهار الاقتصادي، بل يعتبر ثاني أقوي نظام تجاري شهده التاريخ بعد نظام الرأسمالية. وهنا تكمن أهمية منظمة التجارة العالمية فهي تعمل على تنظيم تلك التجارة بين الدول المختلفة تحت قيادة الولايات المتحدة. 

وظهرت أهمية التجارة الحرة بين الدول منذ السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية بداية من 1945. فبدون الالتزام الدولي للتجارة الحرة ستفقد منظمة التجارة العالمية أهميتها بالكامل.

فالمبدأ الرئيسي الذي تعتمد عليه المنظمة هو مبدأ تبادل المنافع. بمعنى آخر فإن دولة "أ" ستحقق أعلى درجة استفادة إذا خفضت التعريفات الجمركية على الاستيراد وفي المقابل ستفعل دولة "ب" المثل. وبهذا يستفيد الطرفان على الشكل الأمثل.

تلك الطريقة كانت تحقق نجاحا مذهلا خلال العقود الأولى لاتفاقية الجات وذلك لأن الولايات المتحدة كانت حريصة على قيادة الدول بهذا الاتجاه. ثم ضعف هذا المبدأ بمرور الوقت.

حاليًا أصبحت الحكومات تفضل مذهب التجاريين أو كما يسميها البعض مذهب المركانتيلية. وهو مفهوم خاطئ مبني على الاعتقاد بأن الدولة تستطيع الاستفادة من التجارة الدولية فقط إذا كان حجم صادراتها يفوق وارداتها. لذا فهذا المذهب يتعارض تماما مع مبدأ التجارة الحرة. 

وهذا التغير في الاتجاه الدولي بشأن التجارة سببه التغيرات التي طرأت على النظام الأمريكي فالرئيس الأمريكي "ترامب" يؤمن بالمركانتيلية إلى أقصى درجة فهو ينادي مبدأ ان "التصدير أمر جيد أما الاستيراد فهو سيئ. حتى أن "روبيرت لايتنزر" ممثل الولايات المتحدة في المؤتمر الأخير بدأ اجتماعه في بوينس ىيرس بإثارة الشكوك حول دور منظمة التجارة العالمي. كما منعت الدولة إعلانا يؤكد أهمية التجارة الحرة في التنمية.

وجدير بالذكر أن بعض الحكومات تسعى لعقد اتفاقيات إقليمية وثنائية مع بعضها البعض مثل شراكة عبر الأطلسي "ترانس باسيفيك"  التي قد تجلب الفائدة الهائلة لتلك الدول ولكن تلك الشراكات ليس لها تأثير قوي على الاقتصاد مثل اتفاقيات التجارة الحرة الدولية التي تضم عدد من الدول.

ولكن لا يمكن إلقاء اللوم على المنظمة بهذا الشأن فهي لا تزال تؤدي دورا فعالا في المنافسة العالمية.