بقلم كريمة الحلفاوى : أرض الشهامة

< كان شعار أبناء مصر دائماً شهامة رجالها.. أولاد البلد الجدعان.. لن يخذلوا من يستنجد بهم ولن يقووا على الضعيف.. ولا يستبيحوا مغازلة بنات الحى.. كنا دائماً نتوسم الخير فى أبناء المنطقة.. فلن يتطاول أحدهم بمجرد النظر إلى بنات الجيران.


< لكن دوام الحال محال.. أصبح رجال الحى يغازلون نساءها.. ويتحرشون بفتياتها.

< أصبحنا نشهد حالة من غياب الأمن والشهامة.. اختفاء للنزاهة والضمير.. قيم النخوة والرجولة.. هل تراجعت لحد العدم؟!

< كان مؤلماً ومخزياً حادث اغتصاب الرضيعة.. والذى لم يجد المبررات المقبولة التى اعتدنا أن نطرحها مع حوادث الاغتصاب والتحرش التى دائماً ما يلقى فيها باللائمة على الفتاة ومظهرها ولبسها وأنها من تشجع الشباب على أن يتحرشوا بها.

< أعلم أن حادث الرضيعة ليس ظاهرة.. لكنه لم يكن الأول ولن يكون الأخير.. وليس ببعيد أن نتذكر «زينة» طفلة بورسعيد.. بالإضافة لحوادث أخرى كثيرة لا يذكرها أهلها لخوفهم من الفضائح.. لكن هناك من تفقد عمرها بعد اغتصابها ولا يعود حقها.. وبعد حادث الرضيعة.. جاء حادث فتاة الشرقية.. فتاة تعود من فرح بزى «قصير» ليكون مصيرها أن يطاردها شباب ولا ينقذها من أبناء القرية أحد؟!.. يتجمع العشرات للتحرش بالفتاة التى أصيبت بالهلع وربما تصاب بعقدة نفسية وتوصم بالعار!.. والمحزن مبررات الشعب الجاهزة، مثل ملابسها استفزت الشباب.. وأنها لم تحترم ظروف القرية.. وغيرها من المبررات المستفزة.. الصادمة والظالمة.. كيف لم ينقذها أحد.. وكيف لا يدافع عنها أحد.. وكيف نقصفها بمبررات للتحرش لنقضى عليها ألف مرة؟!

< إلى هذا الحد أصبحت نفوسنا مليئة بالغل والكره والتشفى؟!

< أين الرحمة؟!

< وإن كانت فتاة الشرقية أثارت الشباب الشهوانى!، فما بالكم بسيدة مسنة فى الستينات من عمرها يتحرش بها سائق توك توك من عمر أحفادها؟!.. هل هى أيضاً من أثارت غرائزه؟!

< ويمتد الأمر ليتخذ صفة العمومية.. فلم تسلم فتاة فى أى عمر من التحرش سواء لفظى أو جسدى.. وقليل ممن تجرؤ على التصدى وفضح أمر المتحرش.. وإذا أفصحت تدان من المجتمع الذى يمتلك سيلاً من التهم الجاهزة لها بدءاً من البجاحة وقلة الحياء وصولاً لـ«هى إيه وداها هناك؟»!

< اغتصبت عقول شباب ورجال.. فاستباحوا اغتصاب الفضيلة بمبررات مُضللة.

< نحن بحاجة إلى التربية.. إلى إحياء منظومة القيم.. إلى مواجهة النفس بسلبياتها وتقويمها.

< استسلمنا لظروف مادية قاسية سلبت أرواحنا نقاءها وطهرها.. وملئت النفوس شهوة وغلاً.. وسلبية.

< أصبحنا لا نهتم بالكارثة التى يمر بها غيرنا طالما لم تطرق أبوابنا.. لكن علينا أن نعتبر.. فكلنا طرف وكلنا مدانون.. وكلنا نجنى حصاد ما نزرع.