هل الأزمة السياسية في ألمانيا ستؤثر على العالم بأكمله؟
خاص سياسي - جهاد السقا
دائما ما كانت المستشارة الألمانية "آنجيلا ميركل" تلعب دورا هاما في الشأن الدولي فقد استطاعت تحقيق التوازن في ظل السياسات الغريبة للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بينما حافظت على العلاقة القوية بين البلدين ف" ترامب" دائما يتباهى بعلاقته الجيدة معها- فقد استطاعت "ميريكل" تولى القيادة في العديد من القضايا التي تخلت عنها أمريكا مؤخرا ووقفت بحزم ضد انتهاكات روسيا ودعت إلى تقديم الرعاية الإنسانية للاجئين السوريين و اتخذت موقفا حاسما فيما يخص قضية تغير المناخ. فهي عملت على الحفاظ على مكانة أهم دولة في أوروبا حتى في ظل تحول الديموقراطيات الغربية إلى نظم شعبوية.
كل هذا معناه أن فشل السيدة "ميريكل" لتشكيل ائتلاف جديد للحكومة بعد انتخابات سبتمبر سيخلق أزمة سياسية لم يسبق لها مثيل في ألمانيا، ومن شأن تلك الأزمة أن تتسبب في العديد من المشاكل للولايات المتحدة. فبفشل "ميريكل" في تكوين هذا الائتلاف سيكون هناك احتمالية وجود حكومة جديدة لألمانيا قد تتسم بالضعف.
وجدير بالذكر أن مستقبل "آنجيليا ميريكل" السياسي في خطر بعد كل تلك السنوات في الحكم.
ويعد فشلها في تكوين ائتلاف من أربعة أحزاب يشمل الحزب اليساري "جرينز" والجزب الحر الديموقراطي يعني أنها لن يكون أمامها خيارات كثيرة إما تكوين حكومة أقلية أو إعادة الانتخابات وأي من الخيارين سوف يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في ألمانيا.
ومن جانبها فقد صرحت "ميريكل" أنها تفضل إعادة الانتخابات وأنها سوف ترشح نفسها مجددا لمنصب المستشار. ولكن لا يمكن تجاهل معارضة حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي.
فرحيل "ميريكل" يعتبر حتما ضربة قاضية للعلاقات العبر أطلسية فمن المعروف أن المستشارة الألمانية مساندة للولايات المتحدة ومعارضة لروسيا وذلك بسبب ترعرعها في منطقة شرق ألمانيا، الأمر الذي يميزها عن من سبقوها للحكم. وعلى الرغم مما يعرف عن حكومتها من اتخاذ مواقف محايدة دائما إلا أنها ساندت اللاجئين السوريين ورحبت بهم في ألمانيا في 2015 فدخل ما يزيد عن مليون لاجئ سوري إلى ألمانيا مما تسبب في الأزمة السياسية. فالقرار بالسماح للاجئين في الدخول شرعيا إلى ألمانيا يعد سببا رئيسيا في الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد حاليا.
ويدل الوضع الحالي على أن ألمانيا أيضا عرضة للاستقطاب الذي تعاني منه حاليا السياسات الغربية. قد يستمر هذا الوضع لشهور عديدة ولا شك أن أعداء ألمانيا بقيادة "بوتن" سوف يعملون على استغلال الموقف لصالحهم.
فقد حان الوقت لمن كان ينظر إلى "ميريكل" على أنها مصدر التوازن في العالم في ظل سياسات "ترامب" أن يعيد التفكير مجددا.