العالم والطبيب والمفكر ابن سينا
العالم والطبيب والمفكر ابن سينا، علومه وآثاره إضافة إلى سيرة حياة ابن سينا أبو الطب كما دونها بنفسه
هو واحد من أبرز علماء المسلمين، سلك طريق العلم ولم يزل طفلاً وفارق الحياة دون أن يفارق الطريق الذي اختاره لنفسه، كتب في الطب والفلسفة والإلهيات، واهتم بالموسيقا والشعر، تعرفوا معنا أكثر على الشيخ الرئيس ابن سينا.
الشيخ الرئيس أبو علي الحسين بن سينا، واحدٌ من ألمع علماء الإسلام وأكثرهم إنتاجاً، صنَّف الكثير من الأمراض التي لم تصنف قبله ووضع دستوراً طبياً تمت ترجمته للغات عديدة، كما وضع مؤلفات كثيرة في الفلسفة والفقه والإلهيات.
في هذه المادة سنتعرف أكثر على شخصية ابن سينا وسنحاول أن نتذكر معاً أبرز مؤلفاته، وستكون لنا وقفة مع البراهين التي ذكرها ابن سينا للاستدلال على وجود النفس، كما سنورد لكم قصة حياته كاملة كما كتبها بنفسه وأكملها عنه أحد تلاميذه، تابعوا معنا.
عرف ابن سينا بألقاب كثيرة أبرزها الشيخ الرئيس
هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسين بن علي بن سينا، ولد في سنة 370هـ/981م في ولاية أفشنة قرب بخارى (أوزباكستان)، وكان والده من مدينة بلخ في خراسان رجلاً ثرياً ومقرباً من الملك نوح بن منصور حتى عينه والياً على أفشنة، ثم انتقلت العائلة إلى بخارى عام 375هـ/986م، كما كان والد ابن سينا قد لمس في ولده رجاحة عقله وسرعة بديهته فجمع له أساتذة العلم والفقه حتى حفظ القرآن الكريم في العاشرة، وأتم علوم الفلسفة والمنطق إضافة إلى الطب وهو شاب في السادسة عشرة.
كما قيل أنَّه فرغ من العلم وتفرغ له في الثامنة عشرة من عمره فألَّف أول كتاب له في الواحدة والعشرين (تصنيف المجموع لأبي الحسن العريضي)، ومهما حاولنا أن نعيد صياغة قصة حياة ابن سينا لن نتمكن أن نجعلها أكمل مما قاله هو عن نفسه وما أكمل عنه الجوزجاني تلميذه ورفيق دربه، لذلك سنورد لاحقاً سيرة حياة ابن سينا كاملة كما رواها هو بعد أن نطلع على أشغاله وأعماله وأهم مؤلفاته.
ألقاب ابن سينا
يعرف ابن سينا في اللغة الإنجليزية باسم (Avicenna) أو (Avicenne)، أمَّا بالعربية فله ألقابٌ كثيرة لكثرة علمه وحكمته ومعرفته؛ فهو الشيخ الرئيس، ومصدر التأسيس، وصاحب الأجل الحكيم، وهو شرف الملك، وحجة الحق، أرسطو الإسلام، وقد لقبوه أيضاً الدستور، وحكيم الدهر، حيث أن هذه الألقاب لم يأخذها لسلطانه أو لثرائه إنَّما لوفرة علمه وتفرد آرائه.
ترك أبو علي بن سينا مؤلفات كثيرة في شتى العلوم
كما ذكرنا فقد درس ابن سينا الفلسفة والمنطق والحساب الهندي إضافة إلى الفقه والطب، وقد أبدى براعة في كل تلك العلوم ووضع فيها مؤلفات وشروح كثيرة، كما اهتم بالموسيقا وألَّف فيها، سنتذكر معاً أبرز مؤلفات الشيخ الرئيس ابن سينا:
مؤلفات ابن سينا في الطب
برع في الطبِّ صغيراً (في السادسة عشرة) وعالج الأمير الساماني نوح بن منصور، ولمَّا سأله الأمير عن رغباته كهدية له طلب الحسين بن سينا أن يقرأ مكتبة الأمير، وكان له ذلك فانكب عليها حتى أتى على كل ما فيها من الكتب والعلوم، وما ميز ابن سينا في الطبِّ أنَّه كان سبَّاقاً في الكثير من المواضيع فيما يتعلق بالتشخيص والعلاج إضافة إلى التشريح الباطني، وقد ترك في الطبِّ مؤلفاتٍ بالغة الأهمية تمت ترجمتها إلى لغات عدة واعتُمدت كقاعدة رئيسية لاكتشافات طبية كبيرة في الطبِّ الحديث، فكان أبرزها كتابه (القانون في الطب) وهو أشهر مؤلفاته في هذا المجال حيث أتى فيه على ذكر العديد من الأمور التي لم يذكرها أحد قبله، منها بعض الطفيليات والديدان المعوية أبرزها المستديرة (Ancylostoma)، كما اهتم الشيخ الرئيس بالصحة العامة ولياقة الجسد، ويعتبر من أوائل الأطباء الذين لاحظوا تأثير الوهم على حالة المريض، فيما عالج انسداد مجاري الدمع بواسطة المسبار، وقدم وصفاً دقيقاً لأعراض العديد من الأمراض التي تصيب أعضاء مختلفة من الجسم.
مؤلفاته في غير الطب
لم تقتصر أعمال ابن سينا على الطبِّ، بل سبق مؤلفاته الطبية العديد من المؤلفات في الوجوديات والإلهيات والفلسفة، إضافة إلى الطبيعيات والموسيقى، فضلاً عن الشِعر، حيث ألَّف الإشارات والتنبيهات، وكتاب الشفاء وكتاب النجاة وجميعها في الفلسفة، فضلاً عن الرسائل والردود والشروح التي قدمها وأبرزها مختصر المجسطي في الرياضيات، كما ألَّف في الفلك والفيزياء (علم الهيئة)، إضافة إلى مقالاته في الموسيقى، وسنتعرف أكثر على ظروف تأليف هذه الكتب أثناء اطلاعنا على سيرة حياته الكاملة.