«شكيب خليل» صديق طفولة بوتفليقة.. من هارب من العدالة إلى مرشّح محتمل لخلافته

يظلّ «شكيب خليل»، أحد الشخصيات الجزائرية المثيرة للجدل في السنوات الماضية؛ فهو الرجل الذي اشتهر بنسج علاقات واسعة مع العديد من المؤسسات والشخصيات الدولية، وأجاد بحنكته ودهائه تسيير الاقتصاد الجزائري لعقدٍ من الزمن، ووضع بلاده على خريطة الدوّل الأكثر تصديرًا للمحروقات، يعاود شكيب خليل الظهور من جديد، هذه المرّة مدافعًا عن الحكومة الجزائرية، وعن تسيير الأموال الطائلة التي تميّزت بها فترات حكم بوتفليقة الأربع، يقدّم حلولًا للأزمات الاقتصادية التي تعيشها البلاد تارةً، ويحذر من أخرى تارةً أخرى، في إشارة عن احتمالية تقمصه للدور الرسمي المتمثل بالمرشّح المحتمل لخلافة الرئيس «عبد العزيز بوتفليقة» .
ولد «شكيب خليل» يوم الثامن من أغسطس (آب) عام 1939 في مدينة وجدة المغربية، في أسرةٍ من خمسة أشقاء وستة بنات، كان والده خياطًا عمل على خياطة بدلات فرنسية للمجاهدين الجزائريين للقيام بالعمليات الفدائية، وتشير المعلومات إلى أنّ شكيب قضى فترة طفولته وشبابه بين مدينتي وجدة المغربية وتلمسان الجزائرية رفقة الرئيس الجزائري الحالي «عبد العزيز بوتفليقة». بدأ شكيب خليل تعليمه في مدرسة ترتيل بوجدة، ثمّ مدرسة ثانوية بنين عبد المؤمن في وجدة زميلًا لبوتفليقة؛ ليفترق عن بوتفليقة بعدها، والذي اختار الالتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني، وفي عام 1959 حصل شكيب خليل على منحة دراسية من جبهة التحرير الوطني للدراسة بالولايات المتحدة.
في الولايات المتحدة، بدأ في استغلال تواجده هناك، وذلك بنسج علاقاتٍ مع لوبيات النفط في تكساس الأمريكية؛ تحصل على درجة الدكتوراة في هندسة البترول في جامعة تكساس عام 1968، ليعمل بعدها مهندسًا في شركة «شل» و«فيليبس للبترول» بأوكلاهوما، حيث كان يقيم لمدة سنتين قبل أن يعود إلى الجزائر سنة 1971، ليشتغل في عملاق النفط والغاز الجزائري «سوناطراك»؛ ويصبح بعدها مستشارًا فنيًّا للرئيس الراحل «هواري بومدين» حتى وفاته، لينتقل بعدها للعمل في البنك الدولي، حتى تقاعده سنة 1999، كان أبرز منصبِ رقيّ له في البنك الدولي رئاسته وحدة الطاقة في منطقة أمريكا اللاتينية، والتي بفضلها نمت علاقاته الدولية مع قادة أمريكا اللاتينية.
شكيب خليل.. عقدٌ من إدارة المحروقات في الجزائر
بحصوله على عقد تقاعدٍ مبكرٍ من البنك الدولي في أكتوبر (تشرين الأوّل) عام 1999، ثارت عواطف بوتفليقة وحنينه إلى صديق طفولته شكيب خليل، فأرسل إلى طلبه عاجلًا؛ ليكون في الفاتح من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1999 مستشارًا شخصيًّا له؛ كان الوضع الاقتصادي في الجزائر يمرّ بأسوأ فتراته بحكم العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر في العقد الأخير من القرن الماضي، إذ تجاوزت ديون الجزائر مبلغ 25,11 مليار دولار عند عودة شكيب خليل إلى الجزائر، إضافةً إلى حجم احتياطات الصرف الصغير التي كانت عند مستوى 4.4 ملايير دولار، لم يمضِ مكوث شكيب خليل في منصبه مستشارًا طاقويًا لبوتفليقة كثيرًا؛ فسرعان ما عيّنه بوتفليقة في 26 ديسمبر (كانون الأوّل) 1999 وزيرًا للطاقة والمناجم، ليبدأ شكيب خليل في كتابة فصلٍ جديدٍ من فصول نهضة الاقتصاد الوطني.
اكتسب شكيب خليل رؤيةً بعيدةً للوضع الطاقوي في الجزائر؛ بحكم خبرته الطويلة في القطاع؛ وبحكم عمله في البنك الدولي لمدة 20 سنة، لذلك راهن على الانتقال بقطاع الطاقة نحو الاستثمار خارج البلاد وفي مقابلة مع «قناة الميادين» كشف شكيب خليل عن أنّه قام بتحويل شركة سوناطراك من مجرد شركة لبيع المحروقات، إلى شركة تستثمر في الخارج، فكان أن أقدمت على استثمارات في موريتانيا لبيرو، وهي اليوم تجني أرباحًا طائلة تأتيها من بيرو؛ إذ عددّ خليل تلك الأرباح بـ50 مليون دولار صافية تدخل للخزينة سنويًا من استثمارات سوناطراك بالبيرو،، ولولا الأزمة الحاصلة في ليبيا، لكانت الجزائر تدخل الملايين من استثماراتها هناك أيضًا.
وبالعودة إلى الانتعاش الاقتصادي للجزائر في العقد الأول من القرن الواحد العشرين، ساهم «شكيب خليل» في زيادة الصادرات الجزائرية للمحروقات بعد أن أعدّ خطوة لرفعها إلى سقف مليون ونصف مليون برميل يوميًا بعد أن كانت قبل تولِّيه وزارة الطاقة السيادية لا تتعدى 900 ألف برميل سنة 2000، كما قفز احتياطي الجزائر من العملة الصعبة إلى 200 مليار دولار، وشجّع الشركات الأجنبية على الاستثمار في الجزائر بعد أن كانت تتخوّف من ذلك؛ نظرًا للحالة الأمنية السيئة التي عاشتها البلاد.