بالأرقام .. هل ربح ترامب ماديًا أم خسر من رئاسته للولايات المتحدة الأمريكية؟

بالأرقام .. هل ربح ترامب ماديًا أم خسر من رئاسته للولايات المتحدة الأمريكية؟
بالأرقام .. هل ربح ترامب ماديًا أم خسر من رئاسته للولايات المتحدة الأمريكية؟

أعلنت مجلة "فوربس" الأمريكية، المختصة بالأسواق والاستثمارات والاقتصاد، انخفاض القيمة الصافية لثروة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، وقد انخفضت بنحو 600 مليون دولار عن العام الماضي، لتصل إلى 3.1 مليار دولار أمريكي فقط. الجدير بالذكر أن ثروة الرئيس الأمريكي بلغت خلال عام 2015 حوالي 4.5 مليار دولار، قبل أن تنخفض خلال عام 2016 بنسبة 800 مليون دولار لتصل إلى 3.7 مليار دولار، وقبل أن تنخفض خلال عام 2017 لمبلغ 600 مليون دولار لتصل في الأخير إلى 3.1 مليار دولار، أي ان ترامب خسر خلال عامين فقط حوالي 1.4 مليار دولار من صافي ثروته.


وأكدت المجلة، في تقريرها السنوي الذي يقوم بتصنيف أغنى 400 شخص في الولايات المتحدة الأمريكية، أن دونالد ترامب بعد أن كان في المركز 121 في القائمة خلال عام 2015، أصبح الآن في المركز 248 خلال القائمة لهذا العام.

الجدير بالذكر أن دونالد ترامب يعتبر أول رئيس ملياردير في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن فاز على مرشحة الحزب الديمقراطي، ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، في الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي 2016، واستغل ترامب ابنيه، دونالد ترامب الأصغر، وإريك، في إدارة أعماله أثناء كونه في منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.

ترامب يدّعي امتلاكه ضعف ثروته
في 16 يونيو (حزيران) عام 2015، ادعى ترامب امتلاكه لحوالي 9 مليارات دولار، في الوقت الذي كان يملك فيه تحديدًا 4.1 مليار دولار فقط؛ حيث وضع في إعلان زمته المالية كمرشح للولايات المتحدة الأمريكية أنه يملك ما فيمته 8.737 مليار دولار، قائلًا حينها: "فخور بقيمة ثروتي الصافية، لقد قمت بعمل رائع. نحن بحاجة إلى زعيم يستطيع التعامل مع فن الصفقات".

وتتبعت مجلة فوربس حينها صافي قيمة ثروة ترامب منذ عام 1982 بالتفصيل، وأيضًا من خلال التشاور مع من عملوا معه، وتفاصيل عن صفقاتهم، وتقييم أصول ممتلكاته، وأعماله كل عام، وأيضًا من خلال الاستعانة بخبراء خارجيين في الأسواق على مدار 30 عامًا، وبالرغم من أن ترامب نفسه شارك وقت أن كان مرشحًا في أبحاث فوربس من أجل تتبع أصوله وصافي ثروته، إلا أنه أصر في النهاية أن قيمة ثروته تبلغ ضعف ما نشرته المجلة، وخاصةً عندما يتعلق الأمر بقيمة علامته التجارية الشخصية التي يطلقها على معظم ممتلكاته.

وفي لقاءات مختلفة، أكد ترامب أنه قيمة ثروته تبلغ 10 مليار دولار، مستنكرًا المجلة التي تؤكد أنه يملك ما قيمته 4.1 مليار دولار فقط، مؤكدًا: "أبدو كمن يملك 10 مليارات من الدولارات أكثر من كوني شخصًا يملك 4 مليارات فقط". وفي مناسبة أخرى أكد ترامب أن قيمة ثروته تبلغ 11.5 مليار دولار.

ليس هناك شك أن دونالد ترامب رجل أعمال ناجح، وصانع حقيقي لصفقات عديدة، ويتميز بالدهاء في ذلك، ولكن كان لابد أن يتم البحث فيما وصلت إليه قيمة ثروته الحالية، بعد أن ورث جزء منها عن أبيه، وخاصةً بعد أن شهدت بعض شركاته التعرض للإفلاس في تسعينات القرن الماضي، وفي الحقيقة تعرضت شركات ترامب للإفلاس في أربع مناسبات مختلفة في الماضي، أبرزها كازينو أتلانتك سيتي، والذي يملك فيه ترامب اليوم حصة تبلغ قيمتها حوالي 10% فقط من قيمته، ولكنه لم يسبق له الإعلان من قبل عن إفلاسه شخصيًا، ربما شركاته، ولكنه شخصيًا لم يتعرض للإفلاس من قبل.

كيف تفسر نعومي كلاين استغلال ترامب لعلامته التجارية؟
يقول ترامب: إن قيمة علامته التجارية الشخصية والصفقات الخاصة بها تبلغ حوالي 3.3 مليار دولار، في الوقت الذي قدَّرت قيمتها مجلس فوربس بحوالي 125 مليون دولار فقط، بالإضافة 128 مليون دولار تابعين للصفقات المحيطة بالعلامة التجارية، ورسوم لإدارة فنادق ترامب التي تحمل علامته التجارية الشخصية، وفي الوقت الذي يدَّعي فيه ترامب أن قيمة صفقات ملاعب الجولف الخاصة به تبلغ 800 مليون دولار، إلا أن خبراء فوربس أيضًا يقدرون قيمتها بحوالي 200 مليون دولار فقط.

الكاتبة والصحافية الكنديه ناعومي كلاين وصفت في كتابها الأخير "ليس كافيًا أن نقول لا"، الولايات المتحدة الأمريكية بأنها بلاد تعيش منذ عقود أيديولوجيا بالغة الخطورة والقسوة وغير الإنسانية، في الوقت الذي وصفت فيه رئيسها الحالي، دونالد ترامب، أنه "انتهازي وأحمق وجاهل، وتاريخه الشخصي سيئ، ويحمل عدة علامات استفهام".

وأكدت كلاين أن ترامب ينتمي إلى المدرسة الرأسمالية المتوحشة، التي لا يخجل بتاتًا بسببها عندما يتحدث عن الفقراء، ويحملهم سبب فقرهم، ومعاناتهم، وقلة طموحهم، وكسلهم، وبكل ما تطرحه هذه الأيدولوجيا من أفكار وشعارات.

ووصفت كلاين، صاحبة الكتاب الأشهر "عقيدة الصدمة" أن نهج ترامب يمثل ثقافة خطيرة، ولكنها تتجذر في الوقت نفسه، كما أن لها مراكز قوى، ومؤيدين، وإعلاميين يقومون بنشرها، ويتمثل ذلك في ملتون فيردمان، والذي عملت كلاين على تحليل أعماله ونهجه الاقتصادي في كتابها عقيدة الصدمة، وروبرت فوجل، وفرانك نايت، وأعضاء مدرسة شيكاغو للاقتصاد، والتي تبشر بتلك النظريات الجديدة بالاقتصاد والمزعجة بشكل عام، من وجهة نظر كلاين.

الكتاب الجديد لكلاين أيضًا وصف أنه في الولايات المتحدة الأمريكية في عهد ترامب رسخت الثقافة النيوليبرالية التي تقول بأن الطمع صفة حميدة، وأن منطق السوق يجب أن يحكم، وأن المال هو المهم في الحياة، وتفضي إلى أن يصبح الرجل الأبيض هو الأفضل بحكم أنه الأغنى والأكثر استهلاكًا بحكم الواقع، وأن الطبيعة وثرواتها هي للاستغلال والنهب، وأن الفقراء والضعاف يستحقون مصيرهم البائس، بحسب كلاين.

وعن علامة ترامب التجارية، أكدت كلاين في أحد حواراتها أن علامة ترامب التي تحمل اسمه الشخصي تمثل نمط حياة ترامب؛ حيث إنه في حالة بناء أي مبنى جديد لترامب، فهو لا يمثل مجرد مبنى، بل يمثل معنى لاسم ترامب، لأن عائدات بيع هذا المبنى تحدث بسبب اسم ترامب، أي أنه يبيع اسمه لأولئك الذين يدفعون أكثر من أجل الحصول على امتياز السكن في مبنى يحمل اسم ترامب.

وتشبه كلاين هذه الحالة في ترشح ترامب للانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ فهو لم يترشح لكونه مواطنًا أمريكيًا عاديًا فقط، وإنما ترشح كرجل أعمال؛ حيث إن وجود اسمه على عدد من الأبنية وناطحات السحاب الفاخرة في الولايات المتحدة الأمريكية، مثَّل عدد من الدعايا المجانية له بمجرد إعلانه الترشح، وليس كمرشح مبتدأ يبنغي أن يبدأ حملته الانتخابية، ويقوم بتسويق نفسه من جديد، وهو ما يمثل المعنى الحقيقي للعلامة التجارية لترامب، والتي اختزلتها كلاين في جملة "السلطة من خلال الثروة".

كيف ولماذا انخفضت ثروة ترامب المالية؟
تعمل شركات ترامب في العقارات بشكل رئيس، وغيرها بشكل ثانوي، كالإذاعة والتليفزيون؛ ويرتبط جوهر ثروته بامتلاكه 16 مبنى في وسط مانهاتن وحولها في مدينة نيويورك، بالإضافة إلى ملاعب الجولف، وأماكن بيع النبيذ الفاخر؛ حيث إنه يملك ممتلكات في أماكن مشهورة في نيويورك؛ مثل وول ستريت، وبرج ترامب، ومنتجعات الجولف في ميامي، بالإضافة إلى تكوين ثروة من منتجات أخرى، كالمجلات، والكتب، والملابس الرجالية، والظهور في مسابقات مثل ملكة جمال الكون، وملكة جمال الولايات المتحدة الأمريكية.

ويمكن تفسير انخفاض صافي قيمة ثروة ترامب خلال العام الماضي بحوالي 600 مليون دولار بشكل رئيس في ثلاثة أسباب رئيسة؛ السبب الأول هو انخفاض قيمة ممتلكات مانهاتن في مدينة نيويورك؛ مما أدى إلى انخفاض قيمة ثروة ترامب في مجال العقارات بحوالي 400 مليون دولار في هذا القطاع فقط، ويرجع ذلك إلى كثرة التظاهرات، والازدحام المروري بسببها في المناطق المحيطة بفنادق وأبنية ترامب؛ حيث أظهر موقع هوليوود ريبورتر أن عددًا كبيرًا من السكان الذي يسكنون أبراج ترامب يسعون للتخلص من شققهم وبيعها بعد أن فاز ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية؛ ففي ناطحة سحاب مانهاتن فقط يوجد 31 وحدة سكنية معروضة للبيع أو الإيجار؛ حيث يوجد 14% منها متوفرة.

ويسعى أيضًا السكان لبيع شققهم في أبراج ترامب بسبب أن أسعار الشقق فيها انخفضت بنسبة 39% هذا العام، وذلك بسبب وجود زيادة في العرض، وقلة في الطلب على هذه الوحدات منذ مارس. الجدير بالذكر أن متوسط الوقت الذي تحتاجه أية وحدة سكنية للبيع في هذه المنطقة هو تقريبًا 90 يوم فقط، في حين أن أية شقة تخص ترامب في الوقت الحالي يمكن بيعها في فترة تصل إلى 188 يوم، أي أنها أكثر مرة ونصف من فرصة بيع أية شقة في أبنية لا تخص ترامب.

وأمَّا السبب الثاني في انخفاض ثروة ترامب لهذا العام هو حملته الرئاسية، والتي أنفق عليها ما يقارب 66 مليون دولار؛ مما أدى إلى انخفاض حيازاته النقدية لتصل إلى 100 مليون دولار فقط منذ العام الماضي. وأمَّا السبب الثالث فيتمثل في اضطرار ترامب لدفع 25 مليون دولار من أجل تسوية دعوى قضائية على جامعة ترامب خلال الأشهر الماضية.

السبب الأخير لانخفاض صافي قيمة ثروة ترامب يتمثل في أن بعض ممتلكاته من الجولف داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية انخفضت قيمتها، وذلك بسبب النزاع من قِبل ترامب مع بعض الدول خلال سياساته الخارجية؛ حيث فقد ترامب ما يقرب من 32 مليون دولار في منتجعات الجولف الخاصة في اسكتلندا وحدها؛ حيث أوقفت اسكتلندا توسع ترامب في منتجعات الجولف هناك؛ ذلك بعد أن أظهرت الحسابات المقدمة للسلطات هناك عن منتجعات ترامب أنه تجنب دفع الضرائب على منتجعيه هناك، حيث دفع 125 مليون دولار من ماله الخاص عليهما، في الوقت الذي لا تقدم فيه هذه المنتجعات في الوقت الحالي أي أرباح، وفي الوقت الذي يصر فيه عائلة ترامب أنهما سيعودان عليه بالربح على المدى القريب والمتوسط.