البيتكوين".. ثورة في عالم العملات أم مجرد فقاعة؟
لم تعد عملة "البيتكوين" الإلكترونية التي ظهرت في عام 2007، بسعر ستة سنتات، كما هي اليوم بعد عشر سنوات، حيث حطمت رقماً قياسياً عالمياً ووصلت لسعر 6000 دولار وباتت حديث اقتصاديي العالم وتجار العملات "فوركس".
فقد ارتفعت قيمة "البيتكوين" خلال تداولات يوم (20 أكتوبر)، وقفزت إلى أعلى ستة آلاف دولار للمرة الأولى على الإطلاق، لتسجل القيمة السوقية الإجمالية للعملة الرقمية 96 مليار دولار.
وشهدت "البيتكوين" عمليات طلب قوية في الآونة الأخيرة، تزامناً مع خوف من انخفاض قادم في أسواق الأسهم الدولية بعد الطفرة المالية التي حققتها مؤخراً.
- ما هي؟
و"البيتكوين" هي عملة (افتراضية)، صممها شخص مجهول الهوية يعرف بـ"ساتوشي ناكاموتو"، تشبه نوعاً ما العملات المعروفة من الدولار واليورو، لكنها تختلف في وهميتها، أي تعاملاتها على الإنترنت حصراً وليس لها وجود مادي.
وتكون التعاملات المالية للعملة من خلال حصالات (محفظات نقود) وغرف مظلمة في الإنترنت حصراً، ولا يُعرف لمن تعود ملكية تلك الحصالات كما توضع في رصيد وهمي، مع إمكانية مزاولة عمليات البيع والشراء به من خلال الإنترنت فقط.
أما تداولات العملة، فتكون بواسطة بيع "أكواد" لمن يتعامل بها أو يمتلكها؛ لأنها افتراضية لها على أرض الواقع، وفي حال أراد شخص ما بيع حاجة معينة أو شراءها، فإنه يُعطى "كود" عدد من العملات تكون ملكاً له، رغم عدم معرفته بمن يتحكم في هذه الأكواد وهل فعلاً تعود ملكيتها له.
ولا ترتبط العملة بموقع جغرافي محدد للتعامل بها، ويُعمل بها خارج ضوابط الحكومات والبنوك ولا تخضع لقوانين التضخم؛ لأنها محدودة من ناحية العدد، حيث وضع "ساتوشي ناكاموتو" خطة لإنتاج 21 مليون عملة بحلول عام 2140، بحسب دراسة نشرها معهد "ذا ميلكنت إنسيتتيوت" عام 2015.
ويعطي عدد العملة المحدود قيمة سوقية كبيرة لها، كما تعتبر عملة قابلة للتقلبات الآنية والمفاجئة؛ لكونها غير مستقرة لحد الآن، وليس لها غطاء حتى الآن.
- إيجابيات
وبحسب خبراء اقتصاديين، تتميز "البيتكوين" بإيجابيات عدة، من بينها توفير الخدمات المالية لفئة من الناس ليس لديها إمكانية الحصول على الخدمات المصرفية في غالبية البلدان باستثناء أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، هناك أكثر من 70%، من الأشخاص الذين ليس باستطاعتهم الوصول إلى الخدمات المصرفية.
ويرتبط الأمر الثاني بمكافحة الغش؛ إذ إنها تعتبر آمنة للزبائن، من حيث عدم القدرة على سرقة البيانات الشخصية، أما المعاملات المالية فلا يمكن إلغاؤها، من قِبل الزبون، ما يعتبر آمناً للتجار.
بالإضافة إلى كل ذلك، تعتبر العملة الافتراضية أول حل للدفع في العالم، ما يؤثر إيجابياً على التجارة الإلكترونية؛ إذ لا يتم تطبيق رسوم التحويل والمعاملات المالية في هذا السيناريو.
وتعتبر ألمانيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي اعترفت بـ"البيتكوين"، وبهذا هي تخضع عمليات التبادل به للضريبة وتستفيد من تداولها على أراضيها.
كما افتتحت إمارة دبي في عام 2014، صرافات خاصة للعملة الإلكترونية، وسمحت بالتداول بها.
في المقابل، هناك دولتان ترفضان تداولها تماماً هما روسيا وآيسلندا، أما باقي دول العالم فلم تحدد موقفها رسمياً، وإن كانت بنوكها المركزية تحذر من التعامل بها.
كما كانت السعودية من بين الدول التي حذرت من التعامل بها، ففي يوليو الماضي جددت مؤسسة النقد العربي السعودي تحذيرها من التعامل بالعملة الإلكترونية الافتراضية؛ لكونها خارج المظلة الرقابية داخل المملكة.
- مستقبل واعد
لكن المستقبل يبشر بأن لـ"البيتكوين" شأناً كبيراً قد يوازي الدولار الأمريكي إن لم يتجاوزه؛ إذ وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فقد أثيرت تكهنات بأن "بيتكوين" يمكنها مواجهة التحديات؛ وهو ما زاد الطلب على "البيتكوين" في الآونة الأخيرة.
كما أن إعلان المدير التنفيذي لشركة "كريبتوكومبير" الاقتصادية، تشارلز هايتر، في يونيو الماضي، أن التكهنات بشأن احتمالات ترخيص الصين لبورصات العملات الرقمية ورفع الحظر المفروض عليها عززت الطلب على "البيتكوين".
هذا بالإضافة إلى أن التقارير التي تتحدث عن أن شركة "أمازون دوت كوم" سوف تعلن قبول "البيتكوين" كعملة دفع بمنصاتها للتجزئة عند الكشف عن نتائج أعمالها الفصلية في السادس والعشرين من أكتوبر الجاري عززت من قيمتها، الأمر الذي ربما يدفع شركات تجارة إلكترونية أخرى مثل "علي بابا" للسير على النهج نفسه.
كما عزز جذب "البيتكوين" والعملات الرقمية أنظار المستثمرين بسبب انتعاشها والأخبار المحيطة بها، التكهنات باستمرار ارتفاعاتها القياسية، ما شجع الآخرين على الشراء؛ خشية فقدان فرصة سانحة كهذه.
إذ جذبت أنظار العامة والمستثمرين أيضاً في "وول ستريت"، ومن بينهم المؤسس الشريك لـ"فورتريس إنفستمنت" مايكل نوفوجراتز، وبدأ ضخ اسنثمارات قدرها 500 مليون دولار في العملات الرقمية.
وفي سبتمبر الماضي، توقع "نوفوجراتز"، في حوار لـ"سي إن بي سي" الأمريكية، أن العملة الرقمية ربما تصل قيمتها إلى عشرة آلاف دولار في غضون فترة من ستة إلى عشرة أشهر.
– فقاعة
لكن في المقابل، يحذر خبراء من أن صعود "البيتكوين" قد يكون مجرد "فقاعة" ستنتهي قريباً؛ لعدم وجود غطاء مالي له كالذهب أو الدولار، بالإضافة إلى عدم ترحيب العالم بها بشكل كبير حتى اللحظة.
وكان الرئيس التنفيذي لبنك "جي بي مورغان"، جيمي ديمون، قال في تصريحات صحفية بآغسطس الماضي، إن "بيتكوين" وسيلة للاحتيال تفيد البعض في بلدان مثل فنزويلا أو الإكوادور أو كوريا الشمالية، كما يمكن لتجار المخدرات والقتلة الاستفادة منها كذلك.
وأضاف أن "بيتكوين" باتت أسوأ من "زهور التوليب"، في إشارة إلى "جنون التوليب" أو ما يعرف بـ"الهوس الخزامي" الذي شكّل واحدة من أسوأ الفقاعات الاقتصادية في العالم خلال القرن السابع عشر.
من جهته، حذر الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، من التعامل مع "بيتكوين"، وقال في حديث لصحيفة "سكواك بوكس"، الاثنين: "أنا لا أؤمن بهذا الشيء الذي يدعى بيتكوين، وأعتقد أنه سوف ينفجر يوماً ما، وأعتقد أيضاً أن هذا شبيه بشركة إنرون التي أعلنت إفلاسها".
كما اعتبر أن التعامل بهذه العملة غير منطقي وغير منظم، حيث لا يخضع لرقابة أي بنك مركزي.