ماذا سيحدث لاقتصاد إيران حال انهار الاتفاق النووي؟

ماذا سيحدث لاقتصاد إيران حال انهار الاتفاق النووي؟
ماذا سيحدث لاقتصاد إيران حال انهار الاتفاق النووي؟

حالة من القلق يتخللها الكثير من الغموض في ظل واقع لا يخلو من المخاوف، ربما يعيش الإيرانيون في هذه الأيام هذه الحالة التي تسبب في الجزء الأكبر منها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لا يترك مناسبة حتى يهدد بالانسحاب من الاتفاق النووي المبرم مع القوى العالمية في عام 2015، والذي تم بموجبه رفع العقوبات عن طهران مقابل الحد من استخدام التكنولوجيا المتعلقة بإمكانية صنع قنبلة نووية، هذه الحالة لم يصل إليها الإيرانيون فقط من تهديدات ترامب، ولكن لا شك أن اقتصاد البلاد يعيش فترة حرجة منذ بداية هذا العام، لكن هذه التهديدات تفاقم الوضع كثيرًا.


ومؤخرًا وخلال خطاب تضمَّن ملامح استراتيجية إدارته إزاء إيران، أكد ترامب، رفضه الإقرار بأن إيران التزمت بالاتفاق النووي 2015، وقال إنه سيحيل الأمر إلى الكونغرس، ويستشير حلفاء الولايات المتحدة في كيفية تعديل الاتفاق، بينما اتهم إيران بدعم "الإرهاب"، وفي المقابل قال الرئيس حسن روحاني: إن الاتفاق النووي "غير قابل للنقاش"، مشددًا على عزم بلاده توسيع برنامجها الصاروخي.

القطاعات الاقتصادية المتوقع تضررها
وفي ظل استمرار مثل هذه التهديدات فإن انهيار الاتفاق أمر وادر جدًا، ولكن ما الذي سيحدث للاقتصاد الإيراني حال انهيار الاتفاق؟ لنستطيع الإجابة على هذا السؤال يجب في البداية معرفة القطاعات التي استفادت من الاتفاق، وغالبًا ستكون هي المتضررة من إلغائه، وسنناقش خلال هذا التقرير أبرز القطاعات الاقتصادية بإيران التي ستتضرر من إلغاء الاتفاق النووي، الذي أبرمته الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا وألمانيا مع إيران، في يوليو (تموز) 2015، ووافقت طهران بموجبه على تقييد برنامجها النووي، مقابل تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب هذا البرنامج.

الطاقة .. القطاع الذي انتعش
لا شك أن قطاع الطاقة الإيراني، سواء على مستوى النفط أو الغاز، هو صاحب نصيب الأسد من الفوائد من الاتفاق النووي، فبحسب ما قال رئيس شركة النفط الوطنية الإيرانية علي كاردور، في سبتمبر (أيلول) الماضي: إن إنتاج إيران النفطي سيرتفع إلى 4.5 ملايين برميل يوميًا، في غضون 5 سنوات، موضحًا أن رفع الإنتاج سيأتي نتيجة زيادة 420 ألف برميل يوميًا في إنتاج حقل غربي كارون النفطي، بالإضافة إلى 280 ألف برميل إضافي من حقول نفط في وسط وجنوب إيران ومن شركة فلات قارة النفطية، وعلى مستوى إنتاج الغاز توقع أن يبلغ 1.3 مليار متر مكعب يوميًا خلال الـ 5 سنوات المقبلة، بينما سيزداد إنتاج مكثفات الغاز إلى 864 ألف برميل يوميًا.

هذه الأرقام الذي تحدث عنها كاردور تعد ضعف ما كانت عليه قبل الاتفاق النووي، ومع فرض عقوبات جديدة على إيران من الصعب أن تصل طهران بإنتاجها إلى هذه النسب، فعلى سبيل المثال وصلت واردات كوريا الجنوبية من النفط الخام الإيراني إلى أعلى مستوى لها منذ 6 أشهر في سبتمبر (أيلول)؛ إذ إن خامس أكبر مستورد للنفط الخام في العالم استوردت 1.83 مليون طن من النفط الخام من إيران في سبتمبر (أيلول) بزيادة بنسبة 22.8% عن العام السابق.

يشار إلى أن أغلب صادرات النفط الإيراني تذهب إلى آسيا (الصين – الهند – كوريا الجنوبية)، وبالتالي فإن الحظر النفطي الأمريكي وحده لا يكفي، ولابد أن يتبعه حظر على التأمين على السفن الناقلة للنفط الإيراني، وهو الخطر الذي قد يهدد القطاع بشكل كبير.

وخلال قمة "رويترز" العالمية للسلع الأولية التي عقدت في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، قالت شركات تجارة كبرى: إن زيادة العقوبات الأمريكية الوشيكة على طهران؛ ستعزز مخاوف المشترين المحتملين للنفط الإيراني، على الرغم من أن الإمدادات المتجهة إلى أوروبا من المرجح بشدة بقاؤها كما هي من دون تعطل، إذ يرى أليكس بيرد رئيس وحدة النفط بشركة جلينكور "إذا لم تصدق الولايات المتحدة على الاتفاق النووي، وزاد التوتر، فإن التعامل مع إيران سيكون في غاية الصعوبة".

في المقابل، وحسب مصرف "جولدمان ساكس" الاستثماري الأمريكي، فإنه من الصعب حصول أمريكا على موافقة الدول الخمس التي وقّعت مع واشنطن على الاتفاق النووي "5+1"، فحتى الآن تشير التصريحات الصادرة من العواصم الأوروبية إلى أن كلا من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا يعارضون إلغاء الاتفاق، بالإضافة إلى روسيا والصين، ومع وجود صفقات تجارية ضخمة للشركات الألمانية والفرنسية مع إيران، وبالتالي، فإن الحظر النفطي ضد إيران لن يكون فعالًا هذه المرة، لا من حيث الدعم السياسي الذي يجده من الدول الغربية، ولا من حيث تأثيره على صادرات إيران النفطية، بحسب المصرف.

الاستثمارات الأجنبية.. يبدو أن ترامب لن يحسمها!
كانت الاستثمارات الأجنبية أحد أكبر المشاكل الاقتصادية التي عانت منها إيران قبل الاتفاق النووي، وهي كذلك من أهم مميزات الاتفاق، وبالرغم من أنها لم تعد بالصورة المنتظرة، لكنها أعادت كثيرًا من الحياة للاقتصاد الإيراني؛ إذ قال المدير العام للشؤون الاستثمارية في وزارة الصناعة والمناجم والتجارة الإيرانية، أفروز بهرامي، في أغسطس (آب)، إن إيران استقطبت ما يعادل 7 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية في المجالات الاقتصادية المختلفة خلال مرحلة ما بعد الاتفاق النووي.