كيف تغلّبت مرشحة فرنسا على "الكواري" القطرى فى إنتخابات اليونسكو؟

كيف تغلّبت مرشحة فرنسا على "الكواري "القطرى فى إنتخابات اليونسكو؟
كيف تغلّبت مرشحة فرنسا على "الكواري "القطرى فى إنتخابات اليونسكو؟

تحدٍّ جديد خاضته دولة قطر هذا الشهر؛ عندما نافست، ممثلةً في مرشحها حمد الكواري، بقوة، على منصب مدير عام منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، حتى وصلت إلى آخر مراحل التصويت، التي حسمتها المرشحة الفرنسية أودريه أوزلاي، بفارق صوتين فقط.


المرشح القطري الذي حال صوتان فقط بينه وبين لقب "العربي الأول" بالمنصب، تصدّر نتائج تصويت الانتخابات، الخميس 12 أكتوبر 2017، بـ 22 صوتاً، في حين تعادلت المرشحتان؛ المصرية مشيرة خطاب، والفرنسية أودري أزولاي، وزيرة الثقافة والاتصالات، بـ 18 صوتاً، لتجرى بذلك جلسة تصويت فاصلة بين المرشحتين المصرية والفرنسية في اليوم التالي.

والجمعة 13 أكتوبر 2017، تمكّنت مرشحة فرنسا من الوصول إلى آخر مراحل المنافسة؛ بعدما حصدت 31 صوتاً مقابل 25 صوتاً لمنافستها المصرية، قبل أن تتمكن أوزلاي، بعد ساعات، من حسم المنصب؛ بعد تفوقها على منافسها القطري بفارق صوتين اثنين (30-28).

ورغم أن نهاية هذه الانتخابات جاءت ككل النهايات السابقة؛ مقصية للمرشحين العرب، فإنها شهدت منافسة مختلفة على أكثر من صعيد؛ فمن جهة تصدّر المرشح القطري جولات التصويت الأربع الأولى، ومن جهة ثانية وقفت مصر موقف الخصم من مرشح قطر، لتكون المرة الأولى التي تعلن فيها دولة عربية دعمها العلني لمرشح غربي (يهودي الديانة)، في مواجهة مرشح عربي مسلم، ما يعكس حالة التناحر غير المسبوقة التي تعيشها المنطقة.

فقبل انتهاء الانتخابات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، عبر حساب الوزارة على "تويتر": "هناك دول لم تلتزم بالموقف الأفريقي بدعم المرشحة المصرية. انتخابات اليونسكو مسيّسة. لكن مصر تخوض هذه المعركة بشرف".

وبعد خروج مرشحة مصر من السباق، هنأ أبو زيد، مرشحة فرنسا، مؤكداً دعم بلاده لها في مواجهة مرشح قطر.

- شقاق عربي

هذه المنافسة التي صوّرها الإعلام المصري خصوصاً، وإعلام دول مقاطعة قطر عموماً، وكأنها معركة وجود لا منافسة على منصب تنفيذي في مؤسسة يعتقد البعض أنها فقدت بريقها، لم تعكس حالة الشقاق العربي فقط، ولكنها عكست أيضاً أن بعض دول المنطقة تبدو وكأنها نسيت أبسط قواعد التعامل الدبلوماسي، في حين ظلت قطر متمسكة بأقصى درجات ضبط النفس، ولم تنزلق إلى مستنقع المهاترات.

ولعل هذه المنافسة على هذا المنصب قد أجلت حقيقة أن دولة قطر بالفعل تسير بخطُا ثابتة في أرض الأزمة الخليجية، وأنها تتمتع بنفوذ واحترام سياسيين يجعلانها قادرة على تجاوز الحصار مادياً ومعنوياً حتى اللحظة.

خاضت مصر معركة انتخابات اليونسكو بكل شرف ومهنية وجدية ... مبروك للمرشحة الفرنسية وكل تمنياتنا لها بالنجاح والفوز بالمنصب

عضو بالبعثة المصرية في فرنسا هتف عقب إعلان فوز الفرنسية، أودري أزولاي، بالمنصب، قائلاً: "تحيا فرنسا وتسقط قطر"، ليرد عليه علي زينل، مندوب قطر الدائم في اليونسكو، قائلاً: "تحيا قطر وتحيا مصر وتحيا كل الدول العربية".

يقول مندوب قطر الدائم في اليونسكو بأنه سمع صوتاً ينادي بأن تسقط قطر وتحيا فرنسا، وهذه وحدها إشارة لفضيحة دبلوماسية عربية مدوّية أمام العالم، ربما سيذكرها تاريخ ليس بقصير، وستحفظها ذاكرة العرب.

المندوب القطري اعتبر أيضاً أن ما ورد على لسان أحد أعضاء البعثة المصرية "تصرفاً فردياً لا يقاس عليه"، وقال في مقابلة مع "الجزيرة"، إن الشعوب العربية ستبقى محبة لبعضها حتى لو اختلف الساسة في تفاصيل السياسة، مؤكداً أن الشعوب يجب ألا تقع في فخ الكراهية.

- اتهام وتهديد
الخارجية القطرية أصدرت بياناً، الجمعة 13 أكتوبر 2017، قالت فيه إنها نافست على المنصب بجديّة وشرف، ولم تنزلق إلى المهاترات، نافية كل ما أشاعه إعلام دول الحصار حول وجود فساد أو رشاوى انتخابية.

وبينما كانت قطر تركز على الترويج لمرشحها، انشغلت دول مقاطعة قطر، وعلى رأسها مصر، بالتهديد والوعيد تجاه الدول المشاركة في التصويت، متهمة دولاً أفريقية بالحصول على رشاوى من قطر، دون تقديم الدليل.

وعملت مصر على محاربة مرشح قطر، دون التركيز على دعم مرشحتها، مشيرة خطاب، التي فشلت في الوصول إلى الجولة النهائية في الانتخابات.

وبعد خسارة مرشحة مصر، زعم وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الجمعة 13 أكتوبر 2017، أن الانتخابات "شابتها خروقات"، مؤكداً أن بلاده تدعم المرشحة الفرنسية في الجولة النهائية بحكم العلاقات الوطيدة بين البلدين، وأن بلاده ستعمل على تحفيز الدول الأخرى لعدم انتخاب المرشح القطري.

الكاتب الصحفي الأمريكي، كليتون سويشر، كتب على موقع "تويتر": "من كتاب لعب الديكتاتور: وزير الخارجية المصري يقول للسفراء الأفارقة إنه على الرغم من أن الاقتراع -يقصد اليونسكو- سري، فسنعرف من صوّت لمن".

ووفقاً لصحيفة "العرب" القطرية، فقد صرح وزير الخارجية اليمني، عبد الملك المخلافي، بأنه إذا ثبت دعم مندوب اليمن للمرشح القطري في انتخاب مدير عام اليونسكو فـ "سيُعزل فوراً".

- قوة صلبة
الكاتب اليمني عباس الضالعي، كتب على "تويتر": "قطر كانت أكبر داعم لأنشطة اليونسكو، وتموّل برامجها العالمية، فاليونسكو هي التي خسرت رئاسة قطر وليس العكس"، مضيفاً: "قطر أظهرت أنها قوة صلبة ولديها علاقات دبلوماسية عميقة ونفوذها واسع".

وتابع الكاتب اليمني: "إعلام دول حصار قطر في حالة فرحة عارمة لفوز مرشحة فرنسا وخسارة مرشح قطر، الذي كانوا سبباً بخسارته. ماذا نقول للأجيال القادمة عن هذا الهبوط؟".

وعلّق الدكتور محمود رأفت، رئيس المعهد الأوروبي للعلاقات الدولية، على محاربة مصر للمرشح القطري، قائلاً: "سيحدّث التاريخ أجيالاً قادمة أن وزيراً يُفترض أنه عربي (سامح شكري، وزير خارجية مصر) وقف يتبجّح أمام اليونسكو متضامناً مع فرنسا ضد عربي من قطر".

أما الكاتبة الكويتية سعدية مفرح، فعلّقت عبر صفحتها على "تويتر"، قائلة: "مرة أخرى خسرت الثقافة العربية اليونسكو بسبب تآمر بعض أبنائها العرب. لكن قطر فازت بوصولها لقمة التنافس على المنصب الرفيع حتى النهاية وبشرف!".

والذين يدخلونها بتفاصيل #الأزمة_الخليجية لا يعرفون أن المنصب لا علاقة له بهذه الأزمة. كل المرشحين أبدى رغباتهم بالترشح منذ سنتين تقريباً!

مرة أخرى خسرت الثقافة العربية #اليونسكو بسبب تآمر بعض أبنائها العرب. لكن قطر فازت بوصلولها لقمة التنافس على المنصب الرفيع حتى النهاية وبشرف!

في حين قال حازم عبد العظيم، وزير الاتصالات المصري السابق، عبر "تويتر": "الشكر موصول لسامح شكري وزير الخارجية، الذي لم يدّخر جهداً لإسقاط مرشح قطر إرضاءً للسيسي.. والبحث عن أي فوز معنوي بعد فشل مرشحة مصر".

وتعدّ أزولاي المديرة الـ 11 لليونسكو، وهي ثاني فرنسية تشغل المنصب بعد مواطنها رينيه ماهيو، في الفترة من 1961 إلى 1974، في حين لم يتكمن عربي واحد من شغل المنصب منذ تأسيس المنظمة عام 1945.

وبدأت انتخابات اليونسكو بتنافس 7 مرشحين؛ من قطر ومصر ولبنان وفرنسا والصين وفيتنام وأذربيجان.