كيف أصبحت ألمانيا أكبر اقتصاد أوروبي بعد 27عاماً على الوحدة؟
تحتفل ألمانيا اليوم بالذكرى السابعة والعشرين للوحدة، بعد هدم جدار برلين والتي كان بموجبه مقسمة إلى دولتين شرقية وغربية.
وبعد 27 عاماً من الوحدة استطاعت ألمانيا أن تصبح أكبر اقتصاد أوروبي، والرابع على مستوى العالم، وتمكنت الدولة الأوروبية من تحقيق ذلك بعد أن كان لألمانيا الشرقية والغربية اقتصاد منفصل طوال الـ30 عاماً التي شهدت وجود الجدار.
تقسيم ألمانيا
في عام 1949 تم تقسيم ألمانيا إلى دولتين غربية وشرقية، وعُرف الجزء الغربي بالجمهورية الفيدرالية الألمانية، نظراً لخضوعها لدول الحلفاء بريطانيا والولايات المتحدة، أما المنطقة الشرقية فخضعت للحكم السوفيتي والمعروف بالجمهورية الديمقراطية الألمانية الشيوعية.
وجاء التقسيم بعد هزيمة أدولف هتلر في الحرب العالمية الثانية عام 1945 وتقسيم ألمانيا إلى مناطق احتلال.
واتجه كل من الدول الجديدة للانضمام إلى الحلف المعبر عن آراء الحكم الذي يخضع له، فانضمت ألمانيا الشرقية إلى ميثاق وارسو، وألمانيا الغربية إلى حلف الناتو وبعدها بعامين انضمت إلى الاتحاد الأوروبي.
واستمر الابتعاد بين الدوليتين الذي تم استحداثهم، ففي عام 1969 أعلنت ألمانيا الشرقية أن اتحاد البلدين مستحيل حتى يعتنق القسم الغربي المذهب الاشتراكي.
الطريق للوحدة
في عام 1961 تم بناء ما يُعرف بـ"حائط برلين" ليفصل بين الدولتين الناشئتين، والذي هُدم بعد نحو 30 عاماً من هذا التاريخ.
وبدأت قصة توحيد الدولتين بتولي زعيم حزب الديمقراطي المسيحي "هلموت كول" منصبه كمستشار لألمانيا الغربية عام 1982، ثم قرار زعيم ألمانيا الشرقية "إريش هونيكر" إجراء أولى زياراته الرسمة لألمانية الغربية في 1987.
وفي نوفمبر عام 1989 أعلن زعيم ألمانيا الشرقية أن المواطنين يمكنكم التنقل عبر الحدود في أي وقت وأن علاقته بالغرب قد تغيرت وتم بدء هدم الجدار.
وعلى مدار وجود الحائط قُتل 171 فرداً حاولوا الفرار من ألمانيا الشرقية نحو الغربية عبر الجدار، وبالرغم من ذلك فإن هناك أكثر من 5000 شخص في ألمانيا الشرقية فروا إلى البر الغربي.
ومنذ عام 1991 اختار البرلمانيون برلين العاصمة الجديدة لألمانيا.
ماذا عن اقتصاد الدولتين
تمكن الاقتصاد الألماني من وقت بناء الجدار وحتى 10 سنوات من أن يحقق نمو اقتصادي بنحو 8%، وهو ضعف النمو في بريطانيا والولايات المتحدة وبالقرب من ضعف النمو في فرنسا، كما نمت التجارة بمقدار 3 أمثال.
وعلى الرغم من العثرات الاقتصادية التي شهدها الاقتصاد الألماني في بعض الأوقات خلال عامي 1973 و1974Kn الا ان الاقتصاد الألماني اتبع نهجاً تصاعدياً.
لم يقتصر الأداء الاقتصادي القوي على ألمانيا الغربية فقط، فتمتعت ألمانيا الشرقية بوضع اقتصادي قوي قبل الحرب العالمية مكنها من إعادة بناء قوتها الاقتصادية.
فعبر البنية التحتية الصناعية القوية التي استطاعت الاستمرار ومستوى التعليم العالي، تمكنت ألمانيا الشرقية من تطوير الاقتصاد والنهوض بمستوى المعيشة إلى مستويات أعلى بكثير من معظم البلدان الاشتراكية الأخرى.
وأصبحت ألمانيا الشرقية هي المورد الرئيسي للمعدات الصناعية المتقدمة للدول الشيوعية، لكن على الرغم من ذلك كانت جودتها رديئة وتسببت في مشاكل للبيئة.
لماذا ألمانيا أكبر اقتصاد في أوروبا؟
حققت ألمانيا نمواً اقتصادياً في الربع الثاني من العام الجاري بنحو 0.6% على أساس فصلي بدعم نمو الاستهلاك الخاص الذي ارتفع بنسبة 0.8%.
كما استطاعت ألمانيا على مدار النصف الأول من العام الجاري من تحقيق ثاني أعلى فائض في موازنتها، حيث سجلت 18.3 مليار يورو، هو أفضل مستوى منذ النصف الثاني لـ2000.
وفي 2016 احتلت ألمانيا المركز الأول كأكثر دولة في العالم تمتلك فائض في حسابها الجاري عند 289 مليار دولار.
ويعتمد الاقتصاد الألماني بدرجة كبيرة على الصادرات، خاصة تلك المعتمدة على التصنيع الحديث.
وأظهر تقرير لمنظمة التجارة العالمية أن ألمانيا في المرتبة الثالثة في قائمة أكثر دول العالم استحواذاً على حصة تصديرية، بعد الصين والولايات المتحدة.
أما على مستوى سوق العمل فألمانيا الآن تقف عند مستوى قياسي بالنسبة لمعدل البطالة، حيث سجل 5.6% في شهر سبتمبر الماضي، كما أن الدولة الأوربية هي أقل دول منطقة اليورو من حيث معدلات البطالة.
مخاوف تهدد الاقتصاد الألماني
يعاني أكبر اقتصاد في العالم من مشاكل متعلقة بالأجور، فمقياس عدم المساواة وهو المقياس الذي يمتد من صفر إلى واحد، ويشير العدد صفر في المقياس إلى أن كل فرد في الدولة له نفس الدخل في حين يشير رقم واحد إلى أن كل فرد لديه دخل يختلف عن الشخص الآخر أوضح أن ألمانيا تقف فيه عند مستوى 0.29 نقطة في 2015.
وفي عام 1992 كان ترتيب ألمانيا في المقياس 0.25 نقطة.
وعلى الرغم أن معدل البطالة عند مستويات متراجعة فإن هناك مخاوفَ من أن يؤدي انخفاض الأفراد في سن العمل في التأثير على مسار نشاط العمل.
وقالت شركة "أوكسفورد إكونوميكس" إن المزيد من الشركات الألمانية تحذر من أن سوق العمل يمكن أن يضر نموها.
أما على مستوى الفارق بين الأغنياء والفقراء في ألمانيا فهو آخذ في الاتساع، وكشفت دراسة عن المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية أن ثلث الدخل يمتلكه 10% فقط من الألمان.