بعد رفع أسعار كروت الشحن .. هل تنجح مقاطعة المصريين للمحمول؟
"لو حكّموني هخلّي اللي بيتكلم في التليفون يدفع واللّي يسمعه يدفع".. كلمات تلفّظ بها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قبل أن يتولّى حكم مصر، في يونيو 2014، ويبدو أنه بدأ يفكر جديّاً في تنفيذها.
فقد استيقظ المصريون، صبيحة الجمعة 29 أكتوبر 2017، على قرار مفاجئ برفع أسعار بطاقات شحن شبكات المحمول بنسبة 36%، بعد 10 أيام من بدء تشغيل شبكة المحمول الرابعة "we"، التابعة للشركة المصرية للاتصالات الحكومية.
وشملت الزيادة جميع فئات بطاقات الشحن، فباتت البطاقة فئة الـ 100 جنيه (9 دولارات)، تمنح صاحبها رصيداً فعلياً قيمته 70 جنيهاً، في وقت أعلنت فيه شبكة المحمول الحكومية منح عملائها 30% من قيمة أي بطاقة شحن.
الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أكّد أن تلك الزيادة بشبكات المحمول الأربع (فودافون واتصالات وأورانج وwe)، جاءت بسبب تحميل الضرائب على المستخدم بعد أن كانت تتحملها الشركات.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي انطلقت دعوات لمقاطعة شبكات المحمول، والعودة للهواتف الثابتة، والاتصال عبر الإنترنت؛ للضغط على شركات الاتصال للعودة عن القرار.
- ارتباك السوق
محمد توفيق، موزّع بطاقات شحن، لفت إلى أن زيادة أسعار كروت الشحن بنسبة 36% مرة واحدة وبشكل مفاجئ "أضرّ بالتجّار، وتسبّب بوقف البيع والشراء داخل سوق تجارة بطاقات الشحن".
وأشار توفيق، إلى أن سوق بطاقات الشحن ارتبك بعد هذه الزيادة، ولا سيما تلك التي اشتراها التجار الخميس 28 سبتمبر 2017، قبل زيادة سعرها.
وأوضح توفيق أن المواطن هو "الخاسر الأكبر" بعد الزيادة الأخيرة، قائلاً: "كان المواطن يشتري بطاقة الـ 100 جنيه بـ 110 جنيهات، ويحصل على 100 جنيه رصيداً، أما الآن فالبطاقة ذاتها تمنح العميل 70 جنيهاً رصيداً، ما يعني خسارته 30 جنيهاً في البطاقة الواحدة".
وذهب توفيق للقول: "كان على شركات المحمول طبع بطاقات شحن جديدة بالسعر الجديد، وإعطاء الفرصة للتجار والمواطنين حتى نفاد الكروت الموجودة معهم".
وشدد على ضرورة أن تعمل شركات المحمول الثلاث على تحسين الخدمة والشبكات، التي تعتبر في غاية السوء، مؤكداً أن شبكة المحمول الرابعة التابعة للشركة المصرية للاتصالات لا تعمل في الأقاليم.
وأوضح توفيق أيضاً أن الإقبال على شراء بطاقات الشحن والشحن على الهواء انخفض بشكل ملحوظ منذ زيادة الأسعار، قائلاً: "البعض ألغى باقات المحمول وتوقّف عن شحن هاتفه".
- قرار مفاجئ
من جانبه، أكد رئيس شعبة مراكز الاتصالات بالاتحاد العام للغرف التجارية، إيهاب سعيد، أن شركات المحمول طلبت رفع سعر الخدمة، إلا أن الحكومة كانت تؤجل القرار بسبب الظروف السياسية للبلاد.
وأشار إلى أن التاجر يطالب أيضاً برفع هامش ربحه؛ وهو جنيهان على كل بطاقة شحن، موضحاً أن الزيادة السابقة ببطاقات الشحن، والتي كانت بنسبة 12.5%، هي جزء من ضريبة القيمة المضافة، وكانت دون زيادة لهامش ربح التاجر.
لكن سعيد أكد أن قرار الزيادة الأخير "كان مفاجئاً، ولم توضح الحكومة ولا الشركات للعملاء ولا للتجار أسباب القرار، ما أدّى إلى اصطدام التاجر بالمستهلك".
- زيادة واجبة
وبيّن رئيس شعبة مراكز الاتصالات أن الزيادة الجديدة (36%) منها 14% ضريبة القيمة المضافة، و8% ضريبة جدول، والباقي ضريبة تشغيل.
كما ذهب للقول: إن "زيادة أسعار بطاقات الشحن واجبة؛ لزيادة تكلفة المنتجات، وأجهزة الاتصالات، وارتفاع أسعار الكهرباء والوقود"، مشيراً إلى أن التجار كانوا يلجؤون لرفع أسعار البطاقات على المواطنين بسبب انخفاض المبيعات وهامش الربح.
ولفت سعيد إلى أن الشعبة لديها ثلاث توصيات ستقدمها للحكومة لحل مشكلة البطاقات القديمة بالسوق؛ ليبيعها التاجر بـ 110 جنيهت مقابل منح العميل 80 جنيهاً رصيداً، لحين نفاد البطاقات الموجودة بالسوق وطبع بطاقات جديدة.
وتابع: "من الضروري تحديد هامش ربح جيد للتاجر، وكذلك المشاركة في القرارات ووجود ممثل للمستهلكين والتجار للنقاش مع أجهزة الدولة حول القرارات التي تصدر".
وألمح سعيد إلى أن الشبكات الأربع لديها الفرصة لتقديم عروض، والمنافسة القوية في السوق، مؤكداً أن المواطن معذور؛ فهو من يتحمّل تلك الزيادة.
وعن دعوات المقاطعة أوضح أنها "لا جدوى لها"، مضيفاً: "هم يستخدمون وسائل الاتصالات للدعوة للمقاطعة، فضلاً عن أن المحمول بات من الأساسيات التي لا يستطيع أحد الاستغاء عنها".
- تصعيد ومقاطعة
في السياق ذاته، أشار رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، محمود العسقلاني، إلى أنهم بالتعاون مع الاتحاد المصري لتنظيم حملات المقاطعة دعوا لحملات تصعيدية ضد شبكات المحمول الثلاث بعد الزيادة الأخيرة.
ولفت العسقلاني، إلى أن أولى الخطوات التي دعوا لها هي إلغاء خاصية "الكول تون"، الذي يُدخل لشركات المحمول الثلاث 200 مليون جنيه شهرياً، موضحاً أن نسبة كبيرة من المواطنين تجاوبوا مع الحملة.
وذهب العسقلاني للقول: إن "شبكات المحمول نجحت في سحب مبالغ كبيرة من جيوب المصريين عن طريق التدليس والإعلانات"، متسائلاً: "الضريبة يدفعها المواطن. مؤخراً تم رفع سعر الكارت 12%، وتقبّل العملاء الأمر مرغمين، فلماذا يتحملون 36% ضريبة أخرى؟".
وألمح إلى أن "شركات المحمول الثلاث حقّقت إيرادات 68 مليار جنيه خلال العام الجاري، ورغم أن تكلفة التشغيل والعمالة لا تزيد عن 20% فقط من الإيرادات، فإن الشركات تُحمّل العملاء ضرائب باهظة".
وتابع رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء: "مصر ليست دولة غنية لتلك الدرجة التي تصرف بها 68 مليار جنيه على الاتصالات".
وأكد أن بين العملاء وشركات الاتصالات عقوداً مسبقة، وتطبيق الزيادة الأخيرة بدون علم المواطنين يُعدّ "عقد إذعان"، ويجعل من حق المواطنين اتخاذ إجراءات عديدة؛ منها مقاضاة شركات الاتصالات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، الذي يحصل على 2% من أرباح الشركات.
العسقلاني لفت أيضاً إلى أن أمام المصريين بدائل؛ منها استخدام شبكة المحمول الرابعة، لا سيما أنها شركة مملوكة للدولة، وتضاف إلى ميزانية الحكومة، ولم ترفع أسعار الكروت، بل تقدّم للمواطنين عروضاً جيدة.
وتابع: "الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات هو من يحاور القائمين على حملات المقاطعة، ولا دور لشركات المحمول الثلاث في الحوار"، مؤكداً أن "هدف الحملة هو معرفة ميزانية تلك الشركات، ومدى كونها تستحق تلك الزيادة الأخيرة بأسعار الكروت".
وأشار العسقلاني إلى أن حملة مقاطعة شبكات المحمول بدأت بعد منتصف ليل الجمعة، وستنتهي مساء الأحد 1 أكتوبر 2017؛ لتقييم ما وصلت إليه الحملة، والوقوف على الإجراءات الجديدة المزمع اتخاذها".