بالفيديو .. مسلسل انهيار العقارات عرض مستمر لحصد أرواح المصريين
أضاف انهيار عقار في مدينة سوهاج بمصر، الأحد، حلقة جديدة من حلقات انهيار المباني في مصر، التي تعتبر أحد أهم المخاطر التي تهدد حياة المصريين.
ويعتبر العقار المكون من 5 طوابق في حي شرقي مدينة سوهاج، جنوبي مصر، الذي انهار مساء الأحد (13 أغسطس) دون أن يتسبب بخسائر في الأرواح، آخر ما انهار من العقارات، التي تستمر بالحدوث في مدن مختلفة ببلد يعاني من أزمة سكن وبطالة وتردٍ اقتصادي.
ووفقاً لما نُشر في الصحافة المصرية، فإن البناية المنهارة تسكنها أربع عائلات، ونفذت الحماية المدنية عملية إجلائهم بعد بلاغ بحدوث تشققات وتصدع بجدران بنايتهم، ثم انهارت البناية بعد إخلائها بساعات قليلة.
وأرجعت المعاينة الأولية للعقار سبب الانهيار إلى أعمال حفر أساسات نفذها أحد جيران العقار بغرض إنشاء برج سكني.
أيمن عبد المنعم، محافظ سوهاج، الذي زار موقع البناء المنهار، قرر إحالة واقعة الانهيار للنيابة العامة، عقب التحفظ على مقاول الحفر ومسؤول الشركة المنفذة.
ونقلت صحيفة "اليوم السابع" عن المحافظ قوله: إن "الأهالي تلاحظ لهم حدوث فروق بنسبة حوالي 5 سم بين العقار الذي يسكنون فيه والعقار المجاور، بعدها تم استدعاء هندسة حي شرق وتشكيل فريق بإشراف كلية الهندسة جامعة سوهاج، وتم إصدار القرار بإخلاء العقار من السكان بعدها حدثت عملية الانهيار".
الجهات المختصة باشرت بأعمال الفحص لكل العقارات المجاورة التي جرى إخلاؤها، وانتُدب فريق من الهلال الأحمر والتضامن الاجتماعى لمكان العقار المنهار؛ لتقديم كل المساعدات اللازمة للسكان، وتوفير الاحتياجات طبقاً لما هو منصوص عليه في القانون.
وكان طفل عمره 5 أشهر و4 أشخاص آخرين لقوا مصرعهم، في حين أصيب 12 شخصاً آخرون بكسور وجروح متفرقة بالجسد، فجر الثلاثاء الماضي (8 أغسطس)، في انهيار مماثل لمنزل مكون من 3 طوابق بقرية سفلاق التابعة لمركز ساقلته شرقي سوهاج، وبذلك فقد انهار مبنيان في خلال 6 أيام.
في يونيو الماضي حذر علاء والي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، في بيان عاجل وجهه لرئيس مجلس الوزراء، شريف إسماعيل، وهشام الشريف، وزير التنمية المحلية، من تعدد كوارث انهيار العقارات في مصر.
وحمّل والي كلاً من رئيس مجلس الوزراء ووزير التنمية المحلية المسؤولية الكاملة بشأن "الوضع المتدنى للغاية"، مؤكداً أن السبب "فساد الذمم، والإهمال من قبل القائمين على إصدار التراخيص وقرارات الإزالة بالمحليات".
وأشار إلى وجود فساد يتعلق "بغش مواد البناء التي تؤثر على سلامة العقارات، وتشكل خطراً جسيماً على أرواح المواطنين وتهدد أمنهم وسلامتهم".
وأضاف والي أن مسلسل ميل العمارات وانهيارها بداية "دق ناقوس الخطر"، ويتكرر يوماً بعد يوم دون تحريك ساكن من طرف الحكومة، بحسب قوله، محذراً من أن عدم التحرك السريع سيؤثر على صورة مصر بين الدول، وتراجع تصنيفها عالمياً ضمن مؤشر البلاد الأكثر أماناً عقارياً.
- فساد باعتراف رسمي
الرئيس عبد الفتاح السيسي اعترف، في تصريحات صحفية سابقة، بانتشار الفساد في المحليات؛ وعلق على ذلك في أغسطس الماضي بالقول: "طب هنعمل إيه يعني؟!"، دون أن يكشف عن خطة حكومية لمواجهة الفساد الذي يستمر في التسبب بكوارث.
وبرغم اعتراف السيسي بوجود فساد في الإدارات المحلية، إلا أن أي إحصائية رسمية لم تكشف حجم الفساد الموجود في هذه الدوائر الرسمية.
لكن ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان قدَّر، في وقت سابق، حجم الأموال المُهدَرة بسبب الفساد في المحليات بنحو 494 مليون جنيه، واختلاس 17 مليون جنيه خلال النصف الأول من عام 2016.
وجاءت المعطيات بناءً على دراسة تحليلية، شملت ما نُشر عن وقائع الفساد في 12 صحيفة مصرية، احتلت الوحدات المحلية المركز الأول فيها بنسبة 65%.
يشار إلى أن تصنيف مصر عالمياً تراجع ضمن مؤشر البلاد الأكثر أماناً عقارياً.
وبحسب دراسة صادرة عن كلية الهندسة والإنشاءات بجامعة فلوريدا الأمريكية، نشرت في وقت سابق، فإن ترتيب مصر يقترب من مؤشر البلاد الآيلة للسقوط، وهي تلك البلاد التي لا يمكن الوثوق بمدى جودة منشآتها العقارية، فضلاً عن أنها تفضل التكدس ضمن شريط وادي النيل الضيق، الذي يمثل 2% من مساحة البلاد.
يقول أحد المشرفين على الدراسة، بروس هاسويل، إن القطاع العقاري المصري يحتل مركزاً متأخراً ضمن الأسواق العقارية المتميزة في مجال الإنشاءات؛ لغياب المهنية في العمل الإنشائي، فالتعامل مع إنشاء العقارات صار عملاً يهدف للربح فقط، ولا يراعي معايير الإتقان.
الدراسة لفتت إلى أن أبرز الصعوبات التي تواجه السوق المصري تتجسد في غياب الثقافة الإنشائية.
وأضافت أن الغش والتدليس والتلاعب في مواد البناء أحد أبرز أذرع الفساد المستشري داخل قطاع البناء والتشييد.
وقالت أيضاً إن ارتفاع معدلات الفساد داخل المحليات كان أهم أسباب تفاقم المشكلة، وانهيار العديد من العقارات التي ثبت أن أغلبها حديثة وليست قديمة، وإن الفساد أدى إلى صعوبة حصول المواطن على تراخيص البناء من خلال القنوات الشرعية.
- رشىً "هندسية"
الدراسة تطرقت إلى ضعف أجور مهندسي الأحياء، الأمر الذي فتح الباب أمام الرشوة والمساومات، وهجرة الكفاءات الهندسية من العمل في المحليات هرباً من المسؤولية الهندسية، التي تجعلهم دائماً عرضة للمساءلة القانونية، كما أن تضارب القوانين والتشريعات الخاصة بالبناء وتعددها، يسهل اختراقها والالتفاف حولها واستغلال ثغراتها.
وأشارت الدراسة إلى لجوء العديد من المقاولين وأصحاب الأبراج السكنية لاستغلال غياب الرقابة على العقارات، ويعملون على إضافة وحدات سكنية فوق الارتفاعات المصرح بها، مستغلين ضعف القبضة الأمنية، وزيادة الطلب على الوحدات السكنية.