من سجون العراق إلى منصب إيراني حساس .. من هو شاهرودي؟

من سجون العراق إلى منصب إيراني حساس .. من هو شاهرودي؟
من سجون العراق إلى منصب إيراني حساس .. من هو شاهرودي؟

يعتبر مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران هيئة حكومية حساسة ذات أهمية بالغة؛ إذ تناط بها مسؤوليات كبيرة، تتعلق بعضها بقرارات مفصلية، وهي ترتبط بشكل مباشر بالمرشد الأعلى.


وفي 8 يناير الماضي توفي رئيس المجمع، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي تولى أيضاً رئاسة الجمهورية لولايتين بين 1989 و1997، وجرى تعيين علي موحدي كرماني رئيساً للمجمع بصورة مؤقتة، عقب ذلك.

الاثنين 14 أغسطس الجاري، أصدر مرشد الثورة الإيرانية مرسوماً بتعيين محمود هاشمي شاهرودي في المنصب الحساس، فضلاً عن اختيار أمين عام المجمع وأعضائه، لولاية جديدة مدتها 5 أعوام، بحسب وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية للأنباء.

ويأتي تعيين شاهرودي بعد أن أحدثت وفاة رفسنجاني الشكوك في أن يكون تعرض لحادثة قتل لا لموت طبيعي؛ وهو ما ذكرته مواقع إيرانية تطرقت إلى أن موت رفسنجاني كان "مفاجئاً".

وشككت آنذاك (فاطمة) ابنة رفسنجاني في أسباب وفاة والدها، الذي رحل في 8 يناير، إثر ما قيل إنه جلطة قلبية، وقالت: "رغم أن والدي كان في الـ82 من عمره، فإنه كان يتمتع بصحة جيدة، وفيما يتعلق بما حدث (وفاته) فهناك بعض الغموض بالنسبة لنا أيضاً".

- من هو شاهرودي الرئيس الجديد للنظام؟
ولد محمود هاشمي شاهرودي سنة 1948، بمدينة النجف، في عائلة عرف عنها تدينها، تنحدر أصولها من مدينة شاهرود في محافظة سمنان، شمالي إيران.

كان والده علي هاشمي شاهرودي رجل دين ومن تلامذة العلامة أبو القاسم الموسوي الخوئي، وكان جدّه علي أكبر هاشمي شاهرودي هاجر من مدينة شاهرود إلى كربلاء لمجاورة مرقد الإمام الحسين.

درس الابتدائية والثانوية في المدرسة العلوية في مدينة النجف، وكان إلى جانب ذلك يتلقّى دروس العلوم الدينية عند الشيخ هادي السيستاني.

دخل حوزة النجف (كلية دينية) وكان عمره ست عشرة سنة. أنهى مرحلتي المقدمات والسطح في سنين قلائل، ثم درس الدراسات العليا، وتتلمذ على يد ثلة من كبار العلماء في عصره؛ ومن أبرزهم العلامة محمد باقر الصدر والخميني وأبو القاسم الخوئي.

الرئيس الجديد لـ"مصلحة النظام" أمضى سنين كثيرة لتلقي دروس خارج الفقه والأصول، حتى نال درجة الاجتهاد من قبل أستاذه العراقي محمد باقر الصدر، وكان عمره آنذاك يناهز ثلاثين عاماً.

اعتقل محمود شاهرودي من قبل النظام الحاكم في العراق عام 1974 لارتباطه الوثيق بالحركة المرتبطة آنذاك بتلامذة محمد باقر الصدر؛ فلاقى صنوف التعذيب الجسدي والنفسي في مديرية الأمن العامة، وبعد إطلاق سراحه منع من السفر ومن ممارسة أي نشاط ديني وثقافي داخل العراق.

ووصل إلى إيران في مارس 1979؛ بعد أن تمكنت ثورة الخميني من التغلب على نظام الشاه الحاكم حينها، وأصبح الوكيل العام والممثل الخاص لمحمد باقر الصدر لدى الخميني.

مارس نشاطات عديدة لدعم المعارضة ضد نضام الحكم في العراق، فأسس جماعة "العلماء المجاهدين"، وشارك في تشكيل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وتولّى رئاسة المجلس الأعلى لمدّة أربع دورات، كما قام بدور حلقة وصل بين الخميني وشيعة العراق، عقب استقراره في إيران.

تولّى شاهرودي عدة مناصب في إيران؛ ففي عام 1994 أصبح عضواً في مجلس صيانة الدستور، ثم عينه المرشد الأعلى علي خامنئي رئيساً للسلطة القضائية عام 1999، فبقي في هذا المنصب لمدة عشر سنوات.

يشغل الشاهرودي حالياً منصب رئاسة الهيئة العليا لحل الخلاف وتنظيم العلاقات بين السلطات الثلاث في إيران، التي تشكلت بأمر من الخامنئي عام 2011، وهو أيضاً عضو في مجلس الخبراء ومجلس صيانة الدستور.

- ما هو مجمع تشخيص مصلحة النظام؟
ما يعرف بمجمع تشخيص مصلحة النظام الذي تولاه شاهرودي هو عبارة عن هيئة استشارية عليا في إيران ظهرت منذ عام 1984، واستكملت شكلها القائم حالياً عام 1988، وقننت في تعديل دستوري عام 1990.

وتتكون هذه المؤسسة السياسية الإيرانية من 31 عضواً، يفترض أن يمثلوا التيارات السياسية المختلفة في البلاد، ويتولى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية تعيين أعضائها الدائمين والمؤقتين باستثناء رؤساء السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، الذين يكتسبون عضويتهم بشكل تلقائي.

ويلتحق بهذه الهيئة أعضاء بشكل غير دائم مثل الوزراء، إذا كانت المسائل المطروحة تتعلق باختصاصاتهم، ومدة عمل هذه الهيئة السياسية الاستشارية 5 سنوات.

وعلى الرغم من أن مهمة مجمع تشخيص مصلحة النظام في الأساس استشارية، إلا أنه يتولى مسؤولية أساسية هامة تتمثل في عزل المرشد الأعلى في حالات خاصة، واختيار مرشد أعلى جديد في حالة الوفاة أو الاستقالة أو العزل، والإعلان عنه في أسرع وقت.

وتدخل في صلاحيات هذه الهيئة الاستشارية قبيل ذلك تشكيل لجنة من ثلاثة أشخاص، تكلف بمهام المرشد الأعلى مؤقتاً إلى أن يجري اختيار المرشد الأعلى الجديد، وهذه اللجنة تتكون من رئيس الجمهورية ورئيس السلطة القضائية وأحد فقهاء مجلس صيانة الدستور.

ومن بين المهام الأخرى المنوطة بمجمع تشخيص مصلحة النظام، حل الإشكالات والخلافات التي قد تطرأ بين مجلس الشورى المتمثل في مجلس النواب، ومجلس صيانة الدستور، بالإضافة إلى تقديم النصح إلى المرشد الأعلى لحل المشاكل المتعلقة بسياسات الدولة العامة بتكليف منه، وتحال القرارات المتخذة إلى المرشد الأعلى للمصادقة عليها.