هل انتهت الأزمة الاقتصادية لمنطقة اليورو؟

هل انتهت الأزمة الاقتصادية لمنطقة اليورو؟
هل انتهت الأزمة الاقتصادية لمنطقة اليورو؟

نمو اقتصادي مرتفع حققته منطقة اليورو خلال الربع الثاني من العام الجاري، منح المستثمرين متنفساً لالتقاط الأنفاس وقدرة على التفاؤل.


ومع تحسن بيانات التصنيع والتجارة والنمو والتشغيل في منطقة اليورو، لا تزال المخاوف بشأن التضخم والاستقرار السياسي تثير بعض القلق حيال مستقبل المنطقة الاقتصادي، وما إذا كان "عصر الأزمة" قد انتهى إلى غير رجعة قريبة.

تفاؤل حول مستقبل النمو
تمكن اقتصاد منطقة اليورو من تحقيق التعافي خلال الربع الثاني من العام الجاري، وسجل نمواً بنسبة 0.6% على أساس شهري، و2.1% على أساس سنوي.

أما على نطاق الدول الأوروبية الكبرى داخل المنطقة على مدى الربع الثاني، فحققت فرنسا أقوى توسع مستمر منذ 2011، بقيادة من الاستثمارات والصادرات، وفي ألمانيا حقق الاقتصاد أسرع نمو منذ عام 2015.

ورفع صندوق النقد الدولي تقديرات الناتج الإجمالي المحلي في منطقة اليورو، للعام الجاري و2018، بنسبة 0.2%، و0.1% إلى 1.9%، و1.7%، على الترتيب.

كما رفع الصندوق من تقديرات النمو في عدد من دول منطقة اليورو، بما فيها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا.

أما منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي فكان لها رأي آخر حول نمو منطقة اليورو، حيث توقعت أن يتراوح بين مستوى 1.3% و%1.4، خلال عامي 2017، و2018.

وتشير المنظمة أن الطلب المحلي سيستمر في قيادة تعافي منطقة اليورو، مستفيداً من السياسة النقدية التحفيزية.

هل استفادت العمالة من تحسن الاقتصاد؟
تراجع معدل البطالة في منطقة اليورو خلال شهر يونيو الماضي لأدنى مستوى منذ 8 سنوات ونصف، عند 9.1% من إجمالي القوى العاملة.

وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يسجل معدل بطالة منطقة اليورو مستوى 9.3% خلال العام الجاري، ثم يتراجع إلى 8.9% في 2018.

وتأتي توقعات النمو الإيجابية نتيجة أوامر التصدير القوية، ونمو الاستثمارات، تزامناً مع التقارير الصادرة عن الشركات والتي تفيد خططها لزيادة التوظيف.

على الجانب الآخر، فإن نسبة الاستثمار إلى الناتج الإجمالي المحلي لا تزال أقل بمقدار 10% عن مستويات ما قبل الأزمة، ولا تزال بحاجة إلى انتعاش أقوى وتعزيز الإنتاجية.

ماذا عن التضخم؟
على الرغم من استقرار معدل التضخم في منطقة اليورو خلال شهر يوليو، عند 1.3%، فإن معدل التضخم الأساسي تمكن من الارتفاع عند 1.2% على أساس سنوي.

ويستهدف البنك المركزي الأوربي الارتفاع بمعدل التضخم نحو مستوى 2%.

وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يستمر معدل التضخم نحو الارتفاع، بدعم الزيادة في أسعار النفط، لكنها ستظل متراجعة عن المستهدف من البنك المركزي والبالغ 2%.

وعن معدل ادخار الأسر، فترى المنظمة التي يقع مقرها الرئيس في باريس، أنها ستشهد تراجعاً خلال العامين الجاري والمقبل عند مستوى 5.8%، و5.7%، على الترتيب، مقابل مستوى 5.9% في 2016.

اليورو يتحسن
ساهم هبوط العملة الأوروبية الموحدة خلال السنوات الماضية في دعم اقتصاد منطقة اليورو، خاصة بعد إقرار برنامج التيسير الكمي للبنك المركزي الأوروبي، حيث زادت تنافسية المنتجات الأوروبية في الخارج، ما نشط قطاع الصادرات والتصنيع.

ولكن شهد اليورو مكاسب قوية خلال الأشهر الماضية، ليسجل ارتفاعاً بنسبة 12.4% أمام الدولار الأمريكي منذ بداية العام الجاري، ما يعكس حالة التفاؤل التي تنتاب المستثمرين حيال آفاق اقتصاد المنطقة.

وتوقع مسح لوكالة "رويترز" أن يصبح اليورو هو الفائز أمام الدولار بنهاية العام الجاري، مع تكهنات ببدء البنك المركزي الأوروبي في خفض التيسير النقدي.

وقال أكثر من ثلاثة أرباع الاستراتيجيين، إن التغيير في توقعات سياسة البنك المركزي الأوروبي سيكون له تأثير أكبر على قوة اليورو خلال الفترة المتبقية من عام 2017.

ترقب السياسة النقدية
ويعد عدم الوضوح بشأن سياسة البنك المركزي الأوروبي سبباً في إثارة مخاوف حول النمو الاقتصادي، بين تصريحات متباينة حول تدعيم سياسة التيسير النقدي، وأخرى تطالب بتشديدها في أقرق وقت.

وكان المركزي الأوروبي قد استحدث برنامجاً للتيسير الكمي يشمل شراء أصول حكومية وخاصة، بالإضافة إلى تقليص معدل الفائدة الأساسي لمستوى "صفر"، مع إقرار فوائد سالبة على الودائع لديه، لدعم جهود النمو الاقتصادي في منطقة اليورو.

وصرح رئيس البنك المركزي الأوروبي بأنه لا توجد ضرورة بالفترة الحالية لاتخاذ قرارات بتغير سياسة البنك المركزي، كما ذكر رئيس المركزي الفرنسي، أن السياسة النقدية المتساهلة لا تزال ضرورية.

على الجانب الآخر ألمح "ماريو دراجي" إلى الاتجاه لتقليص برنامجه للتيسير الكمي، مع تعافٍ نسبي يشهده اقتصاد منطقة اليورو.

ويعد اتخاذ المركزي الأوربي قراراً بتشديد السياسة النقدية مثار قلق مع احتمالية أن يؤدي إلى رفع تكاليف الإقراض للشركات، وتباطؤ جهود تشجيع النمو والاستثمار.

هل ستستمر مسيرة تعافي النمو الاقتصادي؟
قال "هولغر ساندت"، محلل مالي بأسواق "كوبنهاجن" في تصريحات لوكالة "بلومبرج"، إن البنك المركزي الأوروبي يتوقع نمواً قوياً وواسع النطاق بالفترة المقبلة "ومن المحتمل جداً أن يحدث ذلك".

وتابع، أن التركيز الفترة المقبلة سيكون على التضخم الأساسي، سواء كان محققاً مستويات مرتفعة أو منخفضة.

وأعرب رئيس البنك المركزي الأوروبي عن ثقته في أن الانتعاش القوي والواسع النطاق سوف يمتد إلى النصف الثاني من العام الجاري، مع وجود سوق عمل قوي، مما سيساهم في ارتفاع معدل التضخم إلى المستهدف.

وكشف تقرير للمفوضية الأوروبية أن معنويات الاقتصاد في منطقة اليورو سجلت ارتفاعاً لأعلى مستوياتها في عقد من الزمن خلال شهر يوليو، حيث قال مصنعون إنهم يعملون بقدرات أعلى، مع توقعات بارتفاع أسعار البيع في جميع القطاعات.