"إسرائيل" تعزف على وتر "الجزيرة".. هكذا استغلت الأزمة الخليجية؟
نفذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ما هددت به منذ اليوم الأول من الأزمة الخليجية، التي كانت قناة "الجزيرة"، التي تبث من دولة قطر، نقطة خلاف فيها مع دول الحصار، حيث طالبت بإغلاقها لادعاءات تنفيها القناة وإدارتها في الدوحة.
لكن تلك المطالبة شجعت "تل أبيب" على تبني النهج نفسه، خصوصاً بعد ما رصدته الفضائية مؤخراً من انتهاكات للاحتلال في القدس المحتلة.
فقد بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلية، الأحد 6 أغسطس 2017، خطوات أولية لإغلاق مكتب قناة "الجزيرة" في الأراضي المحتلة، مدعية أن الخطوة تستند إلى قرارات مماثلة اتخذتها "دول سنيّة معتدلة"، وذلك في إشارة إلى دول حصار قطر الأربع (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر).
وزير الاتصالات الإسرائيلي، أيوب قرّا، أعلن في وقت سابق الأحد، أن "تل أبيب" قررت إغلاق مكتب قناة الجزيرة وسحب اعتماد صحفييها، مطالباً شركات توزيع البث بإلغاء بث القناة.
- توافق إسرائيلي مع مقاطعي قطر .. والجزيرة تندد
شبكة الجزيرة الإعلامية نددت بهذا القرار الذي قالت إنه يأتي ضمن حملة بدأت بتصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اتهم فيها الجزيرة بالتحريض على العنف خلال تغطيتها للأحداث التي شهدها المسجد الأقصى مؤخراً.
وأضافت الجزيرة، في بيان، أن القرار يأتي أيضاً بعد تصريحات مماثلة من وزراء ومسؤولين إسرائيليين، وبعد استهداف مكاتب الشبكة من قبل مجموعة من المستوطنين حاولوا اقتحامه.
واستنكرت الجزيرة هذا الإجراء من دولة تدعي أنها "الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، معربة عن استغرابها من أن يعلن وزير الاتصالات الإسرائيلي في تبريراته للقرار أنه يتوافق مع ما قامت به دول عربية (في إشارة إلى السعودية والإمارات والبحرين ومصر والأردن)، من إغلاق لمكاتب الشبكة ومنع بثها وحظر مواقعها وتطبيقاتها الإلكترونية.
وذكر بيان الجزيرة أن الوزير الإسرائيلي "عجز في المؤتمر الصحفي عن ذكر موقف أو خبر بعينه حادت فيه الجزيرة عن المهنية أو الموضوعية، أثناء تغطيتها لما يجري في القدس".
وأكدت الجزيرة أنها ستتابع تطورات القرار الإسرائيلي وتتخذ الإجراءات القانونية والقضائية المناسبة بشأنه، كما ستستمر في تغطية الأحداث التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة بمهنية وموضوعية، وفقاً لضوابط العمل الصحفي التي تنظمها الهيئات الدولية المعنية، مثل هيئة البث البريطانية (أوفكوم).
بدوره قال مدير مكتب الجزيرة في فلسطين، وليد العمري، إن قرّا "أعطى تفسيراً مطابقاً لما أعلنته دول حصار قطر حين حظرت قناة الجزيرة"، مشيراً إلى أن "الوزير الإسرائيلي اتهم الجزيرة بالتحريض على الإرهاب، والعمل لصالح تنظيم الدولة وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإيران".
وأشار العمري، في نشرة للجزيرة، إلى أن مكتب القناة في القدس لم يتلق بعد أي إخطار بشأن الإغلاق، وأن أحداً من السلطات لم يأت إلى المكتب. وأضاف أن القرار يشمل شبكة الجزيرة بقنواتها المختلفة.
وعبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" كتب تامر المسحال، مقدم برنامج "ما خفي أعظم"، ومراسل الجزيرة السابق في غزة، "يشرف الجزيرة أن آخر تغطياتها قبل إغلاق مكتبها في القدس هو انتصار المرابطين في الأقصى".
في حين كتب مسؤول الملف المصري في الشبكة، عبد الفتاح فايد: "التحالفات الصهيونية تتضح والصفوف تتمايز بشكل لا يترك مجالاً للتبرير. الأزمة ليست خليجية فقط وإن حملت هذا الاسم".
وكانت دول حصار قطر، المتمثلة بالسعودية والإمارات والبحرين ومصر، قد قدّمت قائمة من 13 مطلباً إلى الدوحة بغرض تنفيذها لرفع الحصار عنها؛ منها إغلاق قناة الجزيرة؛ الأمر الذي رفضته قطر جملة وتفصيلاً، وقالت إن الغرض من هذه المطالب انتهاك سيادة قطر وفرض وصاية عليها، والحصول منها على تعويضات، وإنهاء حرية التعبير في المنطقة.
من جهته قال حازم قاسم، الناطق باسم حركة "حماس"، في تصريح لوكالة "الأناضول"، إن حركته تدين قرار "إسرائيل" إغلاق مكتب الجزيرة ومنعها طاقمها من العمل بمدينة القدس.
كما رأى المتحدث باسم حركة "الجهاد الإسلامي"، داوود شهاب، في تصريح صحفي، أن إغلاق مكتب الجزيرة "يستهدف قمع الحرية، والتعتيم على ما يعد الاحتلال من جرائم جديدة ضد المسجد الأقصى والمقدسيين".
- كلنا الجزيرة
وسريعاً دشن نشطاء على مواقع التواصل وسم #كلنا_الجزيرة، الذي شارك فيه كثيرون للدفاع عن القناة التي يرى بعضهم أنها واحدة من أهم داعمي الشعوب في الوطن العربي خلال السنوات الأخيرة، في حين قال بعضهم إن الجزيرة "ستظل معبرة عن وجدان الشعوب التوّاقة للحرية".
وانتقد نشطاء استناد سلطات الاحتلال في قرارها إلى قرار دول الحصار، معتبرين أن هذه الخطوة تعكس تقارباً في المواقف بين الطرفين.
لولا الجزيرة لكان هناك عالم غير الذي نعرفه الأن ! اذا كانت الجزيرة تدعم الأرهاب فأن بعض الدول تمثل الشيطان نفسه ! #كلنا_الجزيرة
وفي 31 يوليو الماضي أعلن وزير الاتصالات الإسرائيلي أن "إسرائيل" بدأت الخطوات العملية لإغلاق مكتب شبكة الجزيرة فيها، مضيفاً في مقابلة مع الإذاعة العبرية: "أستشير حالياً القسم القانوني في الوزارة، وأجري اتصالات مع هيئة البث الفضائي وعبر الكوابل، لوضع قانون لإغلاق استوديو شبكة الجزيرة".
والأسبوع الماضي، قال رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إنه سيعمل على غلق مكتب شبكة الجزيرة في "إسرائيل"، متهماً إياها بالتحريض على أحداث العنف الأخيرة في القدس، وهو ما يتوافق مع مطالبة دول عربية بإغلاق الجزيرة وإلغاء بثها.
وفي 12 يونيو 2017، عقد نتنياهو اجتماعاً تشاورياً تدارس فيه إمكان إغلاق مكتب شبكة الجزيرة بالقدس، وشارك في الاجتماع مسؤولون كبار من أجهزة الأمن والمخابرات والدوائر ذات العلاقة.
وفي وقت سابق، كتب نتنياهو على حسابه في موقع "فيسبوك": "لقد دعوت الجهات القانونية العديد من المرات إلى غلق مكتب الجزيرة في القدس. وإذا كان ذلك غير ممكن بسبب تفسير القانون، فإنني سأتكفل بالتصديق على القوانين المطلوبة لطرد الجزيرة من إسرائيل".
كما صرح قرّا بأن إسرائيل ترغب بتحالفات مع تلك الدول، والوصول إلى السلام والشراكة الاقتصادية معها؛ ولذا "لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي" بعدما حظرت تلك الدول قناة الجزيرة.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ندد، الأحد 6 أغسطس 2017، بالقرار، واعتبره "تصعيداً خطيراً للانتهاكات الإسرائيلية بحق المؤسسات الإعلامية".
وقال المرصد، ومقره جنيف، في بيان صحفي، إن القرار الإسرائيلي الجديد "يظهر أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم من تطاولهم هجمة السلطات الإسرائيلية العنصرية تجاه الأفراد والمؤسسات الخاصة بهم".
وذكر أن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة ضد الجزيرة "تشابهت في الموقف مع طرح دول الحصار تجاه القناة، ومن خلال تذرعها أيضاً بتهم مماثلة، متهمة الجزيرة بدورها التحريضي وأنها تشجع على التطرف والإرهاب".
ويأتي قرار إغلاق مكتب الجزيرة بعد حملة إسرائيلية شرسة ضد القناة، بدأها نتنياهو، أواخر الشهر الماضي، عندما قال إنه سيعمل على طرد الجزيرة من إسرائيل، متهماً القناة بالتحريض على العنف في قضية المسجد الأقصى.
وقال وزير الاتصالات الإسرئيلي إنه سيبادر لسنّ قانون يمنح وزير الاتصالات صلاحيات لتقديم توصية للحكومة، لحجب بث قنوات الجزيرة ولطردها من البلاد، وذكر أن الحجب سيكون فقط في "إسرائيل"، مضيفاً: "لو أني أملك صلاحيات في غزة، فسأمنع بثها هناك أيضاً".
من جانبه، قال مدير مكتب الصحافة الحكومي، نيتسان حن، إنه سيطلب وجهة نظر من أجهزة الأمن الإسرائيلية قبل سحب تراخيص صحفيي الجزيرة، لافتاً إلى أنه "فقط في حال إقرار أجهزة الأمن أنهم يشكلون خطراً على أمن الدولة سيتم سحب هذه التراخيص".
ووفقاً لموقع "عرب 48" الفلسطيني، فقد أكد (حن) أن قرار سحب تراخيص الصحفيين "يتخذ من قبل مكتب الصحافة الحكومي فقط بعد الحصول على وجهة نظر أجهزة الأمن".