بقلم عماد الدين حسين: 30 يونيه .. وما الذى نريده الآن؟

كنت أبحث عن زاوية للكتابة عن ذكرى مرور أربعة أعوام على ثورة 30 يونيه عام 2013. وعصر الجمعة وجدت الاديب الكبير شعبان يوسف يكتب على صفحته هذا الكلام المهم الذى جاء تحت عنوان «بيان شعبان يوسف.. ورفض حكم الإخوان». لنقرأه اولا ثم نعود للتعليق عليه:


«رغم اختلافى واحتجاجى ــ كمواطن يمارس حريته ــ على بعض ما يحدث فى البرلمان الهزلى، والحكومة المرتبكة، وتوغل وتغول أصحاب الرأسمال الفاحش فى إذلال الطبقات الكادحة المصرية بشكل مطلق، إلا أننى لم أندم على مشاركتى فى 25 يناير 2011 ضد نظام حسنى مبارك، وكذلك 30 يونيو 2013 فى مواجهة حكم جماعة الإخوان، وفى اعتصام وزارة الثقافة، ولا أقبل فى يوم من الأيام أن أرضى بحكم الملالى والشيوخ والقساوسة وأى رجال يتسترون تحت رايات دينية، وكل من يريد إعادتنا إلى عصور الظلام الدامس، ولا أقبل أن يكون للدين حزب سياسى يحكم ويتجبر ويشرط ويتنفذ فى شئونى العامة والخاصة، حتى يدخل معى سريرى ومكتبى ورأسى.

وكذلك لا أحب السخرية من القوات المسلحة المصرية، والتى هى عبارة عن أخى وابنى وأبناء وطنى جميعا من الفلاحين والعمال والمهنيين والأطباء والمدرسين، وكل فئات المجتمع الفاعلة.

ولا أستطيع أن أتخيل بلادى بلا جيش قوى، نعمل من أجل ترشيد خطاه، وتعديل أدواره، ولا نعمل من أجل هدمه أو تحطيمه أو السخرية منه، أو النيل منه بأى شكل من الأشكال.

وليس من شأنى تأليه قائد، أو هدم رئيس، أعارض وأحتج وأتمرد وأثور فى أطر سياسية ثورية حقيقية نسعى من الآن لتكوينها، وفق مبادئ ومعايير تتم مناقشاتها وصياغاتها من شخصيات مستقلة، وبعيدة عن الدوائر الحكومية المتسلطة.

أطر سياسية معارضة لا تأخذنا إلى المجهول والغامض الذى يراد ببلادنا، أتحدث بقلب مواطن يشعر بالانتماء، وبعين مثقف عادى جدا، وبوعى واحد يعرف بعضا من التاريخ المعاصر».

انتهى كلام الاديب الكبير والذى اعتقد انه يعبر عن افكار ومشاعر واراء ورغبات مواطنين كثيرين ونخب ايضا لا يصل صوتهم إلى الاعلام.

صوت شعبان يوسف وامثاله تائه وضائع ومفقود، وسط حالة الاستقطاب الحادة التى يعانى منها المجتمع منذ 25 يناير 2011 والتى ترسخت اكثر بعد 30 يونيه 2013.

هذا الصوت يأمل ان يجد بلدا مدنيا متحضرا ومتقدما يعلى من قيم والحداثة، ولا يعود بنا لقرون إلى الوراء. بلد غالبيته مسلمة نعم وينتمى للثقافة الاسلامية نعم، ولكن ليس على طريقة داعش أو القاعدة وجيش الشام أو انصار الشريعة أو بوكو حرام أو جماعة الإخوان بوجهها الذى اعدنا اكتشافه فى السنوات الاخيرة.

الوجه الذى تجسد فى قتل القضاة والضباط ورجال الدين. وجه ينسف محطات وابراج ومحولات الكهرباء، ولا يعارض عمليا ما تفعله داعش فى سيناء أو المنطقة العربية، بل رأينا تحالفا عضويا بين هذه الجماعة، وكل جماعات العنف والارهاب فى ليبيا.

ما يدعو اليه شعبان يوسف، هو ايضا ضد احتكار 30 يونيه فى اتجاه اقصائى لبقية مكونات المجتمع. هو صوت يعارض التسلط والسياسات الحكومية الخاطئة، ويسعى لتغييرها، ولكن فى اطار مدنى ديمقراطى لا يصب فى مصلحة قوى العنف والارهاب والظلام. صوت يتمنى اصلاح التعليم والصحة وبقية الخدمات، حتى يشعر كل مواطن بآدميته.

هو صوت يحلم بسيادة القانون والدستور وحرية التعبير واحترام حقوق الانسان والمساواة بين الجميع على اساس المواطنة، حتى تبدأ مصر السير فى الطريق الصحيح الذى تستحقه.

شكرا لشعبان يوسف.