إذا تشابهت التطبيقات .. هل تستطيع سناب شات أن تواجه فيسبوك؟
تحتاج الشركة كي تكون ناجحة أن تقدم لعملائها شيئاً يحتاجون إليه، وأن تكون قادرة على فعل ذلك بتكلفة أقل مما يمكن لهؤلاء العملاء دفعه. ولا بد أيضاً من وجود شيء تتميز به الشركة يجعل من المستحيل على المنافسين تقليد ما تقوم به الشركة حين تحقق النجاح. وفي علم الإدارة نقول إن الشركة تحتاج إلى عرض قيمة، ونموذج أعمال واستراتيجية.
تطبيق سناب شات يمتلك أول عنصرين. فله منتج يحبه الكثيرون، وهنالك إمكانية تجعل الموقع قادراً على تحقيق الكثير من الأرباح، بالرغم من النتائج التي وردت في تقرير الأرباح الأول الصادر عن الشركة. ولكنها تعاني فيما يتعلق بالعنصر الثالث المتعلق بالاستراتيجية، وذلك لأن إنستغرام قد نقل إليه معظم خصائصه الشهيرة.
وحين سئل الرئيس التنفيذي لشركة سناب شات إيفان شبيغل عن فيسبوك، الشركة الأم التي تملك إنستغرام، أثناء نقاش تقرير الأرباح الأول للشركة، أجاب باقتضاب: “امتلاك ياهو لصندوق للبحث لا يعني أنه قد أصبح جوجل”. وهذا صحيح، ولكنه لا يعبر بالضرورة عما أراده شبيغل.
لقد عكست إجابته في واقع الأمر ما يدور من جدال منذ عقد من الزمن عن تعريف الاستراتيجية، وهو جدال قد تجدد في العصر الرقمي.
تقول شركة سناب شات في بيان تسجيل أسهمها في هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية:
“تتمثل استراتيجيتنا في الاستثمار في ابتكار المنتجات والإقدام على المخاطر لتحسين منصة الكاميرا في تطبيقنا… ففي عالم صار بوسع أي شخص فيه توزيع المنتجات بشكل سهل وتوفيرها بلا مقابل، فإن الطريقة الأفضل للمنافسة هي الابتكار من أجل تقديم منتجات تضمن تفاعل المستخدم معها بشكل أكبر”.
تقول رافايلا سادون، الأستاذة في كلية هارفارد للأعمال إن التحدي الذي تواجهه شركة سناب شات هو أن “المنتج المتميز شيء والاستراتيجية المتميزة شيء آخر”. وهذا ما يشير إليه أيضاً بين تومبسون فيقول: “معظم الشركات تستخدم بيان تسجيل أسهمها في هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية لتوضح كيف أنها تطور ميزة تنافسية مستدامة. ولكن شركة سناب أعلنت أن الميزات التنافسية لم يعد لها وجود”.
أحد الأسباب التي تجعل من الصعب على سناب أن تضع استراتيجية تقليدية هو أن الاستراتيجية التقليدية الأفضل هي تلك التي يمتلكها فيسبوك كما يرى كثيرون. فالطريقة التي تولد بها المال في شبكات التواصل الاجتماعي هي عبر مفعول الشبكة. فكلما زاد عدد المستخدمين، ارتفعت قيمة المنصة، وهكذا يصبح الحجم هو الميزة التنافسية القوية. فإن كانت القيمة تكمن في هذا الجانب، فإن فيسبوك سيتفوق على سناب شات دوماً. فعلى سبيل المثال، أطلق إنستغرام في أغسطس 2016 خاصية “القصص”، وهي خاصية ظهرت أول مرة في سناب شات. وفي غضون سبعة أشهر فقط، صار عدد مستخدمي قصص إنستغرام اليومية أكبر من أولئك في سناب شات.
لذلك فإن على شبيغل أن يضع نظرية تفسر رأيه بأن فيسبوك لا يستطيع تقليد ابتكارات سناب شات ومن ثم يستخدمها لتحقيق قيمة أعلى بفضل الشبكة الأكبر من مستخدميه. لكن الجواب الوحيد الذي يمتلكه شبيغل حتى اللحظة هو الابتكار، مما يضعه على واحد من طرفي نقيض في هذا الجدال الذي لا يتوقف بشأن الاستراتيجية. فهل يكفي تطوير الإمكانات التي يكون من الصعب على المنافسين تقليدها، كبناء تطبيقات للتواصل الاجتماعي مرتكزة على الكاميرا؟ أم أن الاستراتيجية المستدامة تتطلب أكثر من مجرد ذلك؟
ويستمر الجدال حول مقدار استدامة “المزايا التشغيلية” حتى يومنا هذا. ولكن حتى لو أقررنا أن بعض الخصائص يصعب تقليدها، فإنه يبقى على شبيغل أن يوضح لنا لماذا ينطبق هذا على سناب شات.
يجادل عالما الاقتصاد جوشوا وسكوت شتيرن في ورقة بحثية صدرت مؤخراً أن التنفيذ يشكل الأساس الذي تقوم عليه الميزة التنافسية لرواد الأعمال، لكن ضمن شروط محددة فقط. فوفق النموذج الذي قدماه تساعد الاستراتيجيات المرتكزة على التنفيذ الشركات الناشئة على الدخول إلى السوق بسرعة والتعلم من العملاء، مما يتيح للشركة “أن تتقدم وتبقى في المقدمة”. إلا أنه ليس واضحاً تماماً إن كان هذا ينطبق على سناب شات، والتي دخلت السوق بعد فيسبوك، مما يقلل فرصتها في التعلم من المستخدمين.
كتب جوشوا غانز على مدونته في فبراير الماضي معلقاً على سناب شات: “أي شخص يستطيع أن يقول أنه يعمل على التنفيذ، ولكن القيام بذلك أمر مختلف، وسناب شات لم يثبت ذلك حتى الآن”.
كما لا يجدي نفعاً أن يكون شبيغل يسيء تفسير نجاح جوجل بمقارنته بياهو. فجوجل لم يصل إلى ما هو عليه الآن بمجرد الاعتماد على تقديم منتجات متميزة. فقد قدمت جوجل منتجات عظيمة ثم تخلصت من المنافسين عبر الاستيلاء عليهم أو عبر استخدام قاعدة مستخدميها الكبيرة وبياناتها الضخمة لتحسين منتجاتها بطرق غير متاحة للمنافسين. ويمكن القول إذن إن جوجل تمتلك استراتيجية.
لقد قارن تومبسون بشكل إيجابي بين سناب وآبل، وهي شركة ناجحة جداً كما هو معلوم، ولاسيما في خبراتها في المنتجات التي يصعب تقليدها. ولكن آبل استفادت من السيطرة على عدد من الأنظمة الداعمة لمنتجاتها، مثل تطبيق آي تيونز (iTunes) ونظام آي أو أس (iOS). كما استفادت من التركيز على جزء محدد يحقق الأرباح من سوق الأجهزة: أي تلك الأجهزة الفاخرة ذات هامش الربح العالي الموجهة نحو العملاء ال‘لى إنفاقاً. وليس واضحاً ما الذي تمتلكه سناب مما تمتاز به آبل.
وليس المقصود من كل ما سبق استبعاد نجاح سناب شات. فرافيل سادون تشير إلى أن نجاح الشركة سيعتمد على ما إذا كانت الجهات الراغبة في الإعلان ستنظر إليها كمنصة مكملة للإعلان في فيسبوك أو بديلاً عنه، وما اذا كانت سناب ستتمكن من الاحتفاظ بجزء مهم من مستخدميها وتجد الطرق التي تقنعهم بعدم الانتقال إلى إنستغرام.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز مطلع هذا الأسبوع قد نشرت استبياناً للقراء تسألهم فيه عن اختيار منصة من بين المنصات الخمسة الكبرى التي يرون أنهم يستطيعون الاستغناء عنها بسهولة. وفي وقت كتابة هذا المقال، كان فيسبوك الأكثر شهرة بلا منازع. لكن أود أن أشير نهاية إلى أنه ورغم أن مفعول الشبكة الكبيرة لفيسبوك بهذا القدر من القوة، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أنه لا يمكن التغلب عليه.