مقال بقلم د/ ياسر حسان: قرارات البنك المركزي المصري بين المعارضة والصالح العام
خاص سياسي
أثارت قرارات البنك المركزي المصري الأخيرة بوقف التعامل بمستندات التحصيل كثيراً من اللغط والرفش الشعبي، لكن الواقع يستلزم تحليلاً اقتصادياً للقرارات لا انفعالياً، وأن تكون المصلحة العليا فوق الخلافات الواسعة مع الحكومة. الحقيقة أن هذه القرارات تأتي في صالح الاقتصاد المصري وليس العكس وأن معظم المخاوف مردود عليها:
- ما يقال إن هذه القرارات سوف ترفع الأسعار حوالي 20% هو ابتزاز من التجار لأن عمولة البنوك في الاعتمادات صغيرة تصل إلى جزء من الألف.
- ما يقال إن المستورد يجب أن يودع قيمة الصفقة بالكامل في البنك غير حقيقي؛ فالبنك لا يحملك فوائد إلا من تاريخ سداده للمورد.. فإذا قمت بسداد قيمة الصفقة للبنك في الميعاد المحدد فلن يتحمل المستورد سوى قيمة عمولة فتح الاعتماد المشار إليها في (أولًا).
- ما يقال إن الاعتماد البنكي يحرم المستورد من تسهيلات السداد الممنوحة من المورد غير حقيقي، وتستطيع ان تفتح اعتمادًا بنكيًّا بتسهيلات سداد من الموردين تصل إلى سنوات. وإذا قمت بسداد قسط المورد للبنك في الميعاد فلن يتحمل المستورد أيّة فوائد بنكية.
- قد يؤثر فعلًا هذا القرار على صغار المستوردين لفترة حتى يوفقوا أوضاعهم مع البنوك، لكن كبار المستوردين يعملون فعلًا بنظام الاعتماد البنكي بنسبة كبيرة من حجم أعمالهم.
- المنتجات تامة الصنع يتم استيرادها أصلا بالاعتماد البنكي وسداد كامل الثمن منذ 2017 ولا علاقة لها بهذه القرارات. المقصود بالقرارات "المنتجات الوسيطة في الصناعة" وهي غير خاضعة لشرط الالتزام بسداد كامل الثمن مقدمًا للبنك.
- سيفيد هذا القرار في وقف السوق الموازي ومن ثم سيكون السوق أكثر شفافية، وهذا على المدى المتوسط والطويل مفيد للاستثمار الخارجي الذي يلتزم بكل قوانين التجارة المصرية لكنه يعاني من وجود منافسة غير متكافئة مع صغار مستثمرين لا يلتزمون بنفس القوانين، وغالبًا يقدمون سلعًا غير ضرورية أو مقلدة وفواتير استيراد غير حقيقية.
- يبقي المهم حاليا أن تسرع الغرف التجارية والبنوك من أجل الوصول في أقرب وقت لحلول لتسهيل إجراءات فتح الاعتمادات البنكية؛ لأن مستندات التحصيل كانت أسهل وأسرع.
على الرغم من أنني لست من مؤيدي سياسات طارق عامر والبنك المركزي عمومًا، لكن لا يعني ذلك السير عكس المنطق الصحيح من أجل المعارضة فقط. طبعًا يؤخذ على البنك المركزي قراراته المفاجئة وكأنه في واد وباقي الهيئات التجارية في واد آخر، لكن للأسف أصبح هذا هو الطبيعي و"اتعودنا عليه".