مقال بقلم د/ ياسر حسان: زيادة تعداد سكان الأرض .. نعمة أم نقمة؟
خاص سياسي
يزداد تعداد البشر بمعدل سنويا وسيصل تعداد العالم بنهاية هذا العام إلى ما يقارب 7.9 مليار نسمة .. واحتاجت البشرية لكي يصل نموها الي هذا العدد الي كل السنوات بداية من عهد سيدنا أدم عليه السلام وحتي الآن .. لكن السؤال المحير الذي أثير في ذهني هو كم من الوقت يحتاجه العالم لفناء كل هؤلاء البشر؟ هل يحتاج إلى ألاف السنوات للفناء كما احتاجها للنمو؟
بعد البحث وجدت الإجابة عن السؤال المحير .. فقط خمسون عامًا تكفي لفناء البشرية، إذا قررت البشرية وقف نموها تماماً، وتصل إلى مائة عام فقط إذا قررت البشرية خفض معدل نموها الحالي إلى أقل من 0.5% وهي نسبة تقل عن نصف النسبة الحالية عالميًا. في السيناريو الأول سيتخلص العالم بعد 25 سنة فقط من ثلث سكانه كنتيجة طبيعية للوفاة وعدم الإنجاب، ونتيجة لخفض شاغلين الوظائف وقلة العناية الطبية والاجتماعية سيحتاج العالم إلى 25 سنة أخري لتفني كل البشرية تقريباً.
لطالما كان الكثيرون يعتبرون أن معدل النمو في تعداد السكان يشكل أزمة للدول وعبء علي الاقتصاد
يزداد عدد سكان العالم بحوالي 83 مليون نسمة كل عام. وتتوزع خريطة السكان حول العالم إلى 1.3 مليار نسمة يعيشون في الدول الأكثر تقدماً، و6.6 مليار نسمة يعيشون في الدول الأقل تقدماً. بلغ معدل الزيادة الطبيعية على مستوى العالم 1.1٪ عام 2020، ويتجه المعدل في معظم الدول الأكثر تقدماً إلى الصفر وأحياناً بالسالب مثل ألمانيا -0.2%، اليابان -0.4%، في حين يرتفع المعدل في الدول الفقيرة مثل النيجر ليصل إلى 3.8%.
لطالما كان الكثيرون يعتبرون أن معدل النمو في تعداد السكان يشكل أزمة للدول وعبء علي الاقتصاد.. هذا المفهوم أصبح من الماضي الآن.
إن خفض أعداد سكان العالم بشكل كبير من شأنه أن يضر بازدهار الإنسان والبيئة الطبيعية. ومن أجل الحفاظ على أعداد السكان ثابتة ومعدل نمو اقتصادي متتالي من الضروري أن يكون معدل الخصوبة هو 2.1 طفل لكل امرأة. معدل الخصوبة العالمي الآن 2.4 وهو في انخفاض. ويتوقع علماء الديموغرافيا أن معدلات الخصوبة ستنخفض قريبًا إلى ما دون 2.1 للمرة الأولى في التاريخ، وسوف تصل إلى ما دون 1.7 بحلول عام 2100. حيث أصبح الناس يفضلون إنفاق أموالهم على رعاية عدد أقل من الأبناء. وهذا يعني أن تعدد سكان الأرض سوف يبدأ في التراجع وليس النمو.
النمو السكاني في العالم تباطأ بشكل كبير. والتوقعات الديموغرافية تقول أن عدد سكان العالم الآن يبلغ 7.9 مليار نسمة، وسيبلغ ذروته عند 9.7 مليار في عام 2064 ، لينخفض إلى 8.8 مليار بحلول عام 2100. بعد عام 2100 ستكون معدلات الخصوبة المتوقعة في 183 دولة من أصل 195 دولة في العالم منخفضة للغاية، بحيث لا يمكنها الحفاظ على مستويات السكان الحالية. سينخفض عدد السكان إلى النصف بحلول عام 2100 في 23 دولة رائدة، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية وإسبانيا وإيطاليا والصين، وستشهد 34 دولة أخرى انخفاضًا في عدد السكان بنسبة تتراوح بين 25٪ و 50٪. سينخفض عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات من 681 مليونًا في عام 2017 إلى 401 مليونًا في عام 2100 (انخفاض بنسبة 41 في المائة). أكثر من 80 عامًا سيرتفع من 141 مليونًا في عام 2017 إلى 866 مليونًا في عام 2100 (زيادة بنسبة 514 في المائة). سيؤدي هذا الهيكل العمري المقلوب إلى مشاكل كبيرة. من يدفع الضرائب ويرعى كبار السن في فئة كبيرة السن من سكان الأرض؟
من اللافت للنظر أن نهاية البشرية قد تحدث على الأرجح من انهيار معدلات المواليد أكثر من تغير المناخ. ولن يتم عكس الانخفاض القادم في عدد سكان العالم بسهولة، وإذا استمرت الأرقام في الانخفاض فسيؤدي ذلك إلى إنتاج أفكار مبتكرة لمواجهة هذا الانخفاض، مما يؤدي إلى ركود المعرفة ومستويات المعيشة لسكان تتلاشي تدريجياً.
علماء الاقتصاد يرون الأن أنه من الضروري التأكد من أن أعداد سكان العالم لا تنخفض، وأن لا يصل هذا الأنخفاض في نهاية المطاف إلى أقل من سبعة مليارات نسمة إذا أردنا تجنب تلاشي البشرية.
زيادة عدد السكان هو أحد اسلحة الولايات المتحدة الآن في مواجهة الصين التي يتجه تعداد سكانها الي الأنخفاض، وتعتمد في ذلك علي الهجرة. فقد ضع المهاجرون أسس نجاح أمريكا كدولة. حوالي 45 مليون شخص يقيمون هناك حاليًا ، 14٪ من السكان ولدوا في الخارج. وحوالي نصفهم أصبحوا مواطنين متجنسين، ربعهم من المقيمين الدائمين الشرعيين ولديهم طريق للحصول على الجنسية، ونحو واحد على عشرين هم مقيمون بطريقة مؤقتة. أما الباقين وهم 11 مليون مهاجر "غير موثقين" يقيمون في البلاد بشكل غير قانوني في انتظار وسيلة للحصول على وضع شرعي.
تعمل حكومة "بايدن" لأول مرة على حصول جميع المهاجرين غير الشرعيين البالغ عددهم 11 مليونًا - حوالي 8 ملايين منهم في سوق العمل. على الجنسية خلال السنوات العشر المقبلة. سيضيف هؤلاء العمال ما يقرب من 1.5 تريليون دولار إلى الاقتصاد الأمريكي، أي حوالي 0.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا بدوره سيولد عائدات ضريبية تبلغ 370 مليار دولار و 370 ألف وظيفة. وقد تكون الفوائد أعلى لأن القانون سيسمح بزيادة الهجرة.
الحقيقة أن معدل نمو السكان في مصر لا يجهض التنمية ولا يزيد الفقر كما يدعي البعض
هذة النظرية تسمى نظرية (النمو الداخلي) وقد حصل "بول رومر" علي جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2018 عن هذة النظرية. يشرح "بول" في نظريته كيف أن النمو الاقتصادي ينتج بشكل رئيسي من القوى الداخلية وليس الخارجية. وترى نظرية النمو الداخلي أن الاستثمار برأس المال البشري والابتكار والمعرفة هي من العوامل المساهمة بشكل بارز في النمو الاقتصادي
معدل نمو السكان في مصر في طريقة للإنخفاض ويتوقع أن يصل إلى 1.7% خلال العقدين القادمين. والحقيقة أن معدل نمو السكان في مصر لا يجهض التنمية ولا يزيد الفقر كما يدعي البعض، أذا واجهتها بمعدل نمو للاقتصاد يتماشى مع هذه الزيادة وذلك بحسن إدارة مواردك وترتيب أولوياتك.