مقالات د/ ياسر حسان

مقال بقلم د/ ياسر حسان: دول الخليج بين سندان الخطر الإيراني ومطرقة الخطر الإسرائيلي

هل فشلت سياسات إدارة ترامب في الحد من الخطر النووي الإيراني
هل فشلت سياسات إدارة ترامب في الحد من الخطر النووي الإيراني

 
 

الصراع الدائر حالياً بين إدارة ترامب الراحلة وإدارة بايدن القادمة هي "إيران" .. ترامب يتهم بايدن بأن سياساته المتوقعة مع إيران ستمكن إيران من امتلاك قنبلة نووية، بينما يقول بايدن بأن إيران أصبحت أقرب ما يكون إلى امتلاك القنبلة النووية بفضل سياسات ترامب .. الحقيقة أن إيران وبفضل سياسات ترامب أصبحت أقرب من أي وقت مضى لإنتاج قنبلة نووية.


ولكي نفهم هذه الإجابة نحتاج للعودة إلى سنة 2006، وقتها كان يحكم الولايات المتحدة رئيس جمهوري متعصب هو جورج بوش الابن، الذي كان أنشغل وقتها بحرب غبية مع العراق من أجل تدمير قدرات الأسلحة الكيمائية لديها والتي تبين فيما بعد أنها كانت حجة واهية وغير حقيقية، وترك في خضم حربه تلك إيران خصم العراق التاريخي تعمل بحرية في برنامجها النووي. ومنذ هذا الوقت 2006 أصبح البرنامج النووي الإيراني واقع وأصبحت إيران تمتلك كل الخبرات والمعدات للانتقال من برنامج نووي سلمي متقدم إلى برنامج عسكري..

وعندما جاءت إدارة أوباما للحكم في عام 2008 فضلت استخدام سياسة العصا والجزرة أو بمعني أوضح أن تختار إيران بين العقوبات وبين الاقتصاد. واستخدم أوباما في فترته الأولى العصا وهي العقوبات ثم استخدم الجزرة بالاتفاق النووي مع إيران الذي يشمل رفع العقوبات الاقتصادية مقابل رقابة مفتشي الطاقة النووية لجميع منشآتها النووية بل والعسكرية أيضاً، وامتثلت إيران بالفعل لكل شروط الاتفاق النووي الذي مازال يري الديمقراطيون أنه الحل الأمثل.
لكن مع قدوم إدارة ترامب الجمهورية عام 2016 ووجود رئيس ذو خبرة سياسية ضعيفة مثل ترامب يصحبه ضغط خليجي مع صعود قادة خليجيين متهورين سياسياً، انسحبت أمريكا من الاتفاق واتجهت إلى فرض عقوبات اقتصادية وسياسية علي إيران، يقول ترامب نفسه عنها أنها العقوبات الأسوأ في التاريخ .. الأن وبعد سنتين من قرار ترامب بالانسحاب من هذا الاتفاق يقول الديمقراطيون أن إيران أصبحت أقرب من أي وقت مضى لإنتاج قنبلة نووية، وهو الأمر الذي أكده خبراء هيئة الطاقة النووية، واضافت الهيئة في تقرير صادر عنها الشهر الماضي أن كمية اليورانيوم المخصب لدي إيران الأن 12 ضعف ما كانت تمتلكه قبل الاتفاق النووي. الأن تستطيع إيران إنتاج قنبلة نووية خلال فترة 5 أشهر، وإذا طورت أجهزة تخصيب اليورانيوم تستطيع إنتاج قنبلة نووية كل أسبوع.
والذي لا يقل خطورة عن برنامج النووي الإيراني هو برنامج الصواريخ النووي، لأن القنبلة النووية تحتاج إلى صاروخ يحملها ويوجهها بدقة، وهذا البرنامج حصل فيه تطور خطير في 14 سبتمبر الماضي عندما وجهت إيران عشرين صاروخاً على مواقع بترولية في السعودية، ورغم نفي إيران مسؤوليتها عن الحادثة لكن المعلومات الاستخبارية تؤكد أنها إيرانية المصدر. المشكلة أن هذا الهجوم أصاب 17 موقع بدقة دون أن تتمكن الدفاعات الجوية السعودية أو الأمريكية من رصدها أو صدها .. هذه الحادثة أكدت تطور برنامج الصواريخ والطائرات بدون طيار لدى إيران، ونقلت هذه الحادثة كمية كبيرة من الخوف لدى الخليج وإلى إسرائيل أيضاً التي تخشى من انتقال هذه التكنولوجيا إلى حزب الله.
طبعا هذه الحادثة كان لها أثر سياسي كبير حيث أصبحت إيران هي العدو المشترك لدول الخليج وإسرائيل، وهذا يفسر سر الهرولة الخليجية في عملية التطبيع مع إسرائيل .. النتيجة أنه في ظل إدارة حاكم شعبوي في أمريكا وقادة جدد قليلي الخبرة في دول الخليج تعاظم الخطر على المنطقة كلها، وأصبحت دول الخليج الأن بين سندان الخطر الإيراني ومطرقة الخطر الإسرائيلي.. وواضح أن دول الخليج فضلت المطرقة على السندان، وإن كان كلاهما عدو..